Archive
Home Page
leftmenu2

 

رقم

بوش: هدف تحالفنا في العراق هو حكم ذاتي للشعب العراقي

(نص خطابه أمام الأمم المتحدة، 23 أيلول/سبتمبر)

نيويورك، أيلول/سبتمبر- طالب الرئيس بوش المجتمع الدولي بالانضمام إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق بتقديم كل الدعم الممكن لبناء عراق ديمقراطي ومسالم ومتسامح ليحل محل عراق صدام حسين البائد السابق. وقال الرئيس بوش إن سقوط نظام صدام حسين أدى إلى إقامة شرق أوسط، بل وعالم، أكثر أمانا بعد سقوط حليف رئيسي للإرهاب في تلك المنطقة. كما طالب بوش الإسرائيليين والفلسطينيين والدول العربية بالقيام كل منهم بتحمل مسؤولياتها من أجل دولة فلسطينية ديمقراطية محبة للسلام إلى جانب إسرائيل.

          وجاءت تصريحات الرئيس بوش في خطابه الرئيسي الذي افتتح فيه صباح اليوم (23 الجاري) الدورة الثامنة والخمسين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وقال بوش: "إن الشعب العراقي يواجه صعوبات وتحديات، ككل دولة بدأت المسيرة على طريق الديمقراطية. إلا أن مستقبله يبشر بحياة من الكرامة والحرية، وهو أمر يختلف تماماً عن الاستبداد الحقير الأثيم الذي كان قد عرفه." واضاف أن "الحياة تتحسن حالياً في مختلف أنحاء العراق عبر الحرية. وقد أصبح الناس في مختلف أنحاء الشرق الأوسط أكثر أماناً لأنه تمت إزاحة معتد متقلب عن السلطة. وأصبحت الدول في مختلف أنحاء العالم أكثر أمناً لأن حليفاً للإرهاب قد سقط."

          وعن الهجمات التي تشن ضد قوات التحالف في العراق، قال الرئيس الأميركي إن "إن هؤلاء القتلة يخوضون حرباً ضد الشعب العراقي، وقد جعلوا العراق الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب، وسوف تتم هزيمتهم. لقد جعل تحالفنا من المؤكد أن دكتاتور العراق السابق لن يستخدم أسلحة الدمار الشامل ثانية إطلاقا."

وشدد بوش على أن "هدف تحالفنا الأساسي في العراق هو حكم ذاتي للشعب العراقي، يتم التوصل إليه بوسائل منظمة وديمقراطية. ويجب أن تنبسط هذه العملية تدريجاً وفقاً لاحتياجات العراقيين، دون تسريع أو تأجيل رغبات جهات أخرى لها." وتابع أن بوسع "الأمم المتحدة أن تسهم بشكل كبير في مسألة الحكم الذاتي. إن أميركا تعمل مع أصدقاء وحلفاء لها على استصدار قرار جديد من مجلس الأمن سيوسع نطاق دور الأمم المتحدة في العراق. وينبغي أن تساعد الأمم المتحدة، كما حصل في أعقاب نزاعات أخرى، في وضع دستور وتدريب الموظفين الحكوميين المدنيين وإجراء انتخابات حرة ونزيهة." وقال بوش إنه "أصبح لدى العراق الآن مجلس حكم، وهو أول مؤسسة تمثيلية حقاً في ذلك البلد. ويظهر زعماء العراق الجدد الانفتاح والتسامح اللذين تتطلبهما الديمقراطية، والشجاعة أيضا. ولكن كل ديمقراطية ناشئة تحتاج إلى مساعدة الأصدقاء."

وعن تأثير الأوضاع الجديدة في العراق الآن على كامل الشرق الأوسط، قال الرئيس الأميركي إن "الشرق الأوسط الذي تغير بشكل جذري العالم بأسره سيفيد هو الآخر عن طريق تقويض الإيديولوجيات المصدرة للعنف إلى البلدان الأخرى."

          وتابع أن العراق "امتلك كدولة دكتاتورية قدرة كبيرة على زعزعة استقرار الشرق الأوسط، وسيمتلك العراق كدولة ديمقراطية قدرة كبيرة على إلهام الشرق الاوسط. وإن دفع عجلة المؤسسات الديمقراطية في العراق يقدم مثالاً سيكون من الحكمة أن يحتذيه آخرون، بمن فيهم الشعب الفلسطيني. إن القضية الفلسطينية يخونها زعماء يتشبثون بالسلطة عن طريق تغذية الأحقاد القديمة وإتلاف العمل الجيد الذي يقوم به الآخرون. إن الشعب الفلسطيني يستحق دولة خاصة به، ملتزمة بالإصلاح وبمحاربة الإرهاب وإحلال السلام. ويجب على جميع الأطراف في الشرق الأوسط أن تنهض بمسؤولياتها، وتنفذ الالتزامات التي تم قطعها في العقبة. يجب على إسرائيل أن تعمل على خلق الأوضاع التي ستسمح بانبثاق دولة فلسطينية مسالمة."

في ما يلي نص خطاب الرئيس بوش:

          (بداية النص)

          الرئيس بوش: حضرة الأمين العام، حضرة الرئيس، أعضاء الوفود المحترمين، سيداتي سادتي: قبل أربعة وعشرين شهرا، وكأنها الأمس القريب في الذاكرة الأميركية، تحول قلب مدينة نيويورك إلى ساحة معركة، وإلى مقبرة، وإلى رمز لحرب لم تنته بعد. ومنذ ذلك اليوم، وجه الإرهابيون ضربات في بالي ومومباسا والدار البيضاء والرياض وجاكرتا والقدس، وكانوا يقيسون مدى تقدم قضيتهم بمدى الفوضى ومعاناة الأبرياء التي يخلفونها وراءهم.

          وفي الشهر الماضي، حمل الإرهابيون حربهم إلى الأمم المتحدة ذاتها. فقد كان مقر الأمم المتحدة في بغداد يمثل النظام والرأفة، ولذلك السبب بالذات، قرر الإرهابيون بأنه يجب تدميره. وكان بين الاثنين وعشرين شخصاً الذين قُتلوا، سيرجيو فييرا ديميو. وكان هذا الرجل البرازيلي الطيب الشجاع قد أمضى عقوداً من حياته يقدم العون للبؤساء في بنغلادش وقبرص وموزامبيق ولبنان وكمبوديا وإفريقيا الوسطى وكوسوفو وتيمور الشرقية، وكان يقدم العون للشعب العراقي في ساعة احتياجه إلى المساعدة. أميركا تنضم إليكم، أنتم زملاؤه، في تكريم ذكرى السنيور فييرا ديميو، وذكرى الأحد عشر شخصاً الذين قضوا نحبهم معه أثناء خدمتهم الأمم المتحدة.  

          لقد أوضح الإرهابيون، من خلال الضحايا الذين يختارونهم والوسائل التي يعتمدونها، طبيعة النضال الذي نخوضه. إن أولئك الذين يستهدفون عمال الإغاثة لقتلهم قد جعلوا أنفسهم أعداء للبشرية جمعاء. وإن أولئك الذين يحرضون على القتل ويمجّدون الانتحار إنما يكشفون عن ازدرائهم للحياة نفسها. ليس لهؤلاء مكان ضمن أي عقيدة دينية، وليس لهم حق في تعاطف العالم معهم، وينبغي ألا يكون لهم أي صديق في هذه القاعة. لقد وضعت أحداث العامين الماضيين أمامنا حداًً فاصلاً كأوضح ما يكون الفصل: بين أولئك الذين ينشدون النظام، وأولئك الذين ينشرون الفوضى؛ بين أولئك الذين يعملون في سبيل التغيير السلمي، وأولئك الذين يتبنون أساليب أفراد العصابات؛ بين أولئك الذين يحترمون حقوق البشر، وأولئك الذين يقضون على حياة الرجال، والنساء والأطفال، عن عمد ودون رحمة أو حياء.

          لا حيادية بين هذه البدائل. إن جميع الحكومات التي تدعم الإرهاب شريكة في حرب ضد الحضارة. يجب ألا تتجاهل أي حكومة تهديد الإرهاب، لأن التغاضي عنه يمنح الإرهابيين فرصة إعادة التنظيم واستقطاب الأعضاء الجدد والاستعداد. وستحظى جميع الدول التي تحارب الإرهاب وكأن حياة شعوبها نفسها تعتمد على ذلك، بإشادة التاريخ بها.

          كان النظامان السابقان في أفغانستان والعراق على علم بهذين الخيارين، وقاما بالاختيار. لقد كان نظام طالبان راعياً وخادماً للإرهاب. وقد اختار التحدي حين تمت مواجهته. ولم يعد لذلك النظام وجود. لقد أصبح الرئيس الأفغاني، الموجود هنا اليوم، ممثلاً لشعب حر يعكف على بناء مجتمع محترم عادل، دولة منضمة تماماً إلى الحرب ضد الإرهاب.

          وقد سعى نظام صدام حسين إلى علاقات مع الإرهاب فيما كان يقوم بصنع أسلحة الدمار الشامل. واستخدم تلك الأسلحة في عمليات قتل جماعية، ورفض الكشف عن مصيرها حين قام العالم بمواجهته. وكان مجلس الأمن محقاً في انذعاره.... وكان مجلس الأمن محقاً في مطالبة العراق بتدمير جميع أسلحته غير المشروعة وإثبات قيامه بذلك، وكان مجلس الأمن محقاً بالإعلان عن عواقب وخيمة في حال رفض العراق الامتثال. ونظراً لحدوث عواقب، ونظراً لقيام تحالف من الدول بالتصرف للدفاع عن السلام، وعن مصداقية الأمم المتحدة، أصبح العراق حراً، وقد انضم إلينا اليوم ممثلو بلد تم تحريره.

          لقد أُزيلت نصب صدام حسين التذكارية، ولم يقتصر ذلك على تماثيله وحدها. فقد أُغلقت النصب التذكارية الحقيقية لحكمه وشخصيته—حجرات التعذيب وغرف الاغتصاب وزنزانات السجون المخصصة للأطفال الأبرياء. ويتكشف لنا، مع اكتشافنا لحقول القتل والمقابر الجماعية العراقية، المدى الحقيقي لقسوة صدام.

          إن الشعب العراقي يواجه صعوبات وتحديات، ككل دولة بدأت المسيرة على طريق الديمقراطية. إلا أن مستقبله يبشر بحياة من الكرامة والحرية، وهو أمر يختلف تماماً عن الاستبداد الحقير الأثيم الذي كان قد عرفه. إن الحياة تتحسن حالياً في مختلف أنحاء العراق عبر الحرية. وقد أصبح الناس في مختلف أنحاء الشرق الأوسط أكثر أماناً لأنه تمت إزاحة معتد متقلب عن السلطة. وأصبحت الدول في مختلف أنحاء العالم أكثر أمناً لأن حليفاً للإرهاب قد سقط.

          وقد دعمت عملياتنا في أفغانستان والعراق دول كثيرة، وإن أميركا تشعر بالامتنان تجاه كل منها. كما أنني أسلّم بأن بعض الدول ذات السيادة الموجودة في هذه القاعة عارضت إجراءاتنا. إلا أننا كنا متحدين، وما زلنا متحدين، حول مبادئ وأهداف الأمم المتحدة الأساسية. إننا نكرس أنفسنا للدفاع عن أمننا المشترك، ولدفع عجلة حقوق الإنسان. وإن هذه الالتزامات الدائمة تهيب بنا لأن نقوم بمهمة عظيمة في العالم، مهمة يجب أن نقوم بها معا. فدعونا ننطلق قدما.

          أولاً، يتعين علينا أن نقف إلى جانب الشعب الأفغاني والشعب العراقي أثناء تشييدهما دولتين حرتين مستقرتين. وإن الإرهابيين وحلفاءهم يخشون هذا التقدم ويحاربونه أكثر من أي شيء آخر، لأن الشعوب الحرة تعتنق الأمل لا الاستياء، وتختار السلام لا العنف.

          لقد كانت الأمم المتحدة صديقاً للشعب الأفغاني، توزع الطعام والعقاقير وتساعد اللاجئين على العودة إلى منازلهم وتقدم النصح والإرشاد بشأن دستور جديد وتساعد في تمهيد الطريق لانتخابات عامة. وقد تسلمت منظمة حلف شمال الأطلسي قوة الأمن التي شكلت بتفويض من الأمم المتحدة في كابول. وتواصل القوات الأميركية وقوات التحالف تعقب وإلحاق الهزيمة بإرهابيي القاعدة وفلول طالبان. وإن جهودنا لإعادة بناء ذلك البلد مستمرة. وقد اقترحت أخيراً إنفاق مبلغ ألف ومئتي مليون دولار إضافية على جهود إعادة إعمار أفغانستان، وإنني أحث الدول الأخرى على مواصلة المساهمة في هذه القضية المهمة.

          وفي العراق، تقوم الأمم المتحدة بمهمات حيوية فعالة في كل يوم. فبحلول نهاية عام 2004، سيكون قد تم تلقيح أكثر من تسعين بالمئة من الأطفال العراقيين الذين لم يبلغوا الخامسة من العمر بعد ضد أمراض يمكن الوقاية منها كشلل الأطفال والسل (التدرن الرئوي) والحصبة، وذلك بفضل المثل العليا والعمل الحثيث الذي قام به صندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونسف). وإن نظام توزيع الغذاء العراقي يؤدي مهمته، موصلاً حوالى نصف مليون طن من المواد الغذائية شهريا، وذلك بفضل مهارة وخبرة برنامج الغذاء العالمي.

          وإن تحالفنا الدولي في العراق يقوم بمسؤولياته. إننا نقوم بغارات بالغة الدقة ضد الإرهابيين ورافضي الإذعان من أعضاء النظام السابق. إن هؤلاء القتلة يخوضون حرباً ضد الشعب العراقي، وقد جعلوا العراق الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب، وسوف تتم هزيمتهم. لقد جعل تحالفنا من المؤكد أن دكتاتور العراق السابق لن يستخدم أسلحة الدمار الشامل ثانية إطلاقا. ونحن نقوم حالياً بإجراء مقابلات مع مواطنين عراقيين وبتحليل سجلات النظام السابق للكشف عن النطاق الكامل لبرامج أسلحته وحملة الخداع الطويلة. وإننا نقوم بتدريب شرطة عراقية وحرس حدود وجيش جديد، كي يتمكن الشعب العراقي من النهوض بمسؤولية أمنه بالكامل.

          وفي نفس الوقت، يساعد تحالفنا في تحسين حياة أفراد الشعب العراقي على الصعيد اليومي. فقد بنى النظام البائد القصور في حين ترك المدارس تتداعى، ونقوم نحن بالتالي بإعادة بناء أكثر من ألف مدرسة. وقد حرم النظام البائد المستشفيات من الموارد، فساعدنا بالتالي في توفير التجهيزات والإمدادات وإعادة فتح المستشفيات في جميع أنحاء العراق. لقد أنشأ النظام البائد الجيوش والأسلحة، في حين سمح بانهيار بنية البلد التحتية، ونحن نقوم بالتالي بإصلاح محطات توليد الكهرباء ومرافق الماء والصرف الصحي والجسور والمطارات. وقد اقترحت على الكونغرس أن تقوم الولايات المتحدة بتقديم تمويل إضافي لعملنا في العراق، وهو أضخم التزام مالي من نوعه منذ خطة مارشال. فبعد مساعداتنا في تحرير العراق، سنفي بتعهداتنا للعراق، وسنقيم من خلال مساعدتنا الشعب العراقي دولة مسالمة مستقرة، وسنجعل دولنا أكثر أمنا.

          إن هدف تحالفنا الأساسي في العراق هو حكم ذاتي للشعب العراقي، يتم التوصل إليه بوسائل منظمة وديمقراطية. ويجب أن تتم هذه العملية تدريجاً وفقاً لاحتياجات العراقيين، دون تسريع أو تأجيل رغبات جهات أخرى لها. ويمكن للأمم المتحدة أن تسهم بشكل كبير في مسألة الحكم الذاتي. إن أميركا تعمل مع أصدقاء وحلفاء لها على استصدار قرار جديد من مجلس الأمن سيوسع نطاق دور الأمم المتحدة في العراق. وينبغي أن تساعد الأمم المتحدة، كما حصل في أعقاب نزاعات أخرى، في وضع دستور وتدريب الموظفين الحكوميين المدنيين وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. لقد أصبح لدى العراق الآن مجلس حكم، وهو أول مؤسسة تمثيلية حقاً في ذلك البلد. ويظهر زعماء العراق الجدد الانفتاح والتسامح اللذين تتطلبهما الديمقراطية، والشجاعة أيضا. ولكن كل ديمقراطية ناشئة تحتاج إلى مساعدة الأصدقاء.

          إن الدولة العراقية تحتاج مساعدتنا وتستحقها، وينبغي أن تتقدم جميع الدول ذات النوايا الحسنة وتقدم تلك المساعدة.

          إن المنطقة، بجميع أنحائها، ستراقب وتلاحظ نجاح العراق الحر. سيرى الملايين أن الحرية والمساواة والتقدم المادي أمور ممكنة في قلب الشرق الأوسط. وسيواجه زعماء المنطقة أوضح برهان على أن الانتخابات الحرة والمجتمعات المفتوحة هي السبيل الوحيد إلى النجاح القومي الطويل الأمد وإلى الكرامة. وسيفيد شرق أوسط تغير بشكل جذري العالم بأسره، عن طريق تقويض الإيديولوجيات المصدرة للعنف إلى البلدان الأخرى.

          لقد امتلك العراق كدولة دكتاتورية قدرة كبيرة على زعزعة استقرار الشرق الأوسط، وسيمتلك العراق كدولة ديمقراطية قدرة كبيرة على إلهام الشرق الاوسط. وإن دفع عجلة المؤسسات الديمقراطية في العراق يقدم مثالاً سيكون من الحكمة أن يحتذيه آخرون، بمن فيهم الشعب الفلسطيني. إن القضية الفلسطينية يخونها زعماء يتشبثون بالسلطة عن طريق تغذية الأحقاد القديمة وإتلاف العمل الجيد الذي يقوم به الآخرون. إن الشعب الفلسطيني يستحق دولة خاصة به، ملتزمة بالإصلاح وبمحاربة الإرهاب وإحلال السلام. ويجب على جميع الأطراف في الشرق الأوسط أن تنهض بمسؤولياتها، وتنفذ الالتزامات التي تم قطعها في العقبة. يجب على إسرائيل أن تعمل على خلق الأوضاع التي ستسمح بانبثاق دولة فلسطينية مسالمة.

          ويجب على الدول العربية أن تقطع التمويل والمساعدات الأخرى عن المنظمات الإرهابية. وستعمل أميركا مع كل دولة في المنطقة تتصرف بشجاعة في سبيل السلام.

          وهناك تحد آخر يتعين علينا أن نتصدى له سوية هو انتشار أسلحة الدمار الشامل. إن الأنظمة الخارجة على القانون التي تمتلك أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية وتمتلك وسائل إطلاقها على أهدافها، ستكون قادرة على اللجوء إلى الابتزاز ونشر الفوضى في مناطق بأكملها.

          ويمكن للإرهابيين استخدام هذه الأسلحة لإحداث كوارث ومعاناة مفاجئة على نطاق نكاد لا نستطيع تخيله. وإن المزيج المهلك من الأنظمة الخارجة على القانون والشبكات الإرهابية وأسلحة الدمار الشامل يشكل خطراً لا يمكن تجاهله أو التخلص منه بمجرد التمني. وإذا ما سمح لمثل هذا الخطر بالتجسد تماماً فسيكون كل الكلام وكل الاعتراض قد جاء متأخراً جدا. ينبغي أن تتحلى دول العالم بالحكمة وبالتصميم على وقف التهديدات الخطيرة قبل وصولها.

          ومن الخطوات الحاسمة الأهمية (في هذا المجال) ضمان السيطرة على أكثر المواد خطراً في مكان مصدرها. وقد واظبت الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد على العمل مع روسيا وغيرها من دول الاتحاد السوفياتي السابق لتفكيك وتدمير أو ضمان السيطرة على الأسلحة والمواد الخطرة المتبقية من حقبة أخرى. وقد وافقت دول مجموعة الدول الصناعية الثماني في العام الماضي في كندا على تقديم عشرين ألف مليون دولار، نصفها من الولايات المتحدة، لمحاربة خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل هذا خلال السنوات العشر القادمة. وقد انضمت إلى هذا الجهد ست دول أخرى منذ ذلك الحين. وهناك حاجة إلى مزيد من الدول، وإنني أحث الدول الأخرى على مساعدتنا في مواجهة هذا الخطر.

          كما أننا نعكف على تحسين قدرتنا على اعتراض سبيل المواد الفتاكة أثناء نقلها. وتستعد إحدى عشرة دولة حاليا، من خلال المبادرة الأمنية الخاصة بالانتشار، لتفتيش الطائرات والسفن والقطارات والشاحنات التي تنقل حمولات تثير الشك، ولمصادرة شحنات الأسلحة والصواريخ التي تشكل مبعث قلق في مجال انتشار أسلحة الدمار الشامل. وقد اتفقت هذه الدول على مجموعة مبادئ تتعلق باعتراض سبيل الشحنات تتساوق مع السلطات القانونية الحالية. كما أننا نعمل على توسعة نطاق المبادرة الأمنية الخاصة بالانتشار كي يشمل دولاً أخرى. ونحن مصممون على إبقاء أكثر أسلحة العالم تدميراً بعيدة عن أراضينا وبعيدة عن حوزة أعدائنا المشتركين. 

          ونظراً لكون ناشري أسلحة الدمار الشامل سيستخدمون أي سبيل وأي طريق يتوفر لهم، فإننا نحتاج إلى أكبر قدر ممكن من التعاون لإيقافهم. وإنني أطلب من مجلس الأمن الدولي اليوم تبني قرار جديد مناهض لانتشار أسلحة الدمار الشامل. ويجب أن يدعو هذا القرار جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اعتبار نشر أسلحة الدمار الشامل جريمة؛ وإلى سن قيود تصدير صارمة تتماشى مع المعايير الدولية؛ وإلى ضمان السيطرة على أي مادة حساسة، وجميع المواد الحساسة، الموجودة داخل حدودها. والولايات المتحدة على استعداد لمساعدة أي دولة في صياغة هذه القوانين الجديدة ولمساعدتها في تطبيقها.

          وهناك تحد ثالث نشترك فيه هو تحد لضمائرنا. يتعين علينا أن نتصرف بحسم لمواجهة الأزمات الإنسانية في عصرنا. لقد بدأت الولايات المتحدة تنفيذ خطة الطوارئ للإغاثة من مرض الإيدز، وهي الخطة التي تهدف إلى منع انتشار الإيدز على نطاق واسع وإلى معالجة الملايين المصابين بالمرض. وقد تعهدنا بتقديم مبلغ خمسة عشر ألف مليون دولار خلال خمس سنوات لمكافحة مرض الإيدز في جميع أنحاء العالم. كما أن بلدي يتخذ إجراءات أيضاً لإنقاذ الأرواح من المجاعات. فنحن نقدم مساعدات غذائية عالمية طارئة تبلغ قيمتها أكثر من ألف وأربعمئة مليون دولار، كما أنني طلبت من الكونغرس الأميركي مئتي مليون دولار لصندوق مجاعة جديد كي نتمكن من التصرف بسرعة حين تظهر أول المؤشرات على المجاعة. وينبغي أن تضيف كل دولة في كل قارة مواردها بسخاء للحرب ضد المرض والجوع الشديد.

          وهناك أزمة إنسانية أخرى تنتشر حالياً وإن كانت مخفية عن الأنظار. ذلك أنه يتم في كل عام شراء وبيع أو إكراه ما يقدر بما بين ثمانمئة ألف وتسعمئة ألف إنسان على عبور حدود الدول، وبينهم مئات الآلاف من الفتيات المراهقات وغيرهن ممن لم يتجاوزن الخامسة من العمر، ممن يقعن ضحايا لتجارة الجنس. وتدر هذه المتاجرة بالبشر آلاف الملايين من الدولارات سنويا يستخدم معظمها لتمويل الجريمة المنظمة.

          إن الإساءة إلى أولئك الأضعف والأكثر براءة عمل أثيم بشكل خاص. فضحايا تجارة الجنس لا يَخبرون الحياة قبل أن يخبروا أسوأ ما في الحياة، جحيم من القسوة الشديدة والخوف الموحش.  ويجب إنزال العقاب الشديد بأولئك الذين يخلقون هؤلاء الضحايا ويجنون الربح من معاناتهم. وإن أولئك الذين يتعاملون مع هذه الصناعة كزبائن لها يقللون من شأنهم ويعمّقون بؤس الآخرين. وإن الحكومات التي تتسامح بشأن هذه التجارة إنما تتسامح بشأن شكل من أشكال العبودية والاسترقاق.

          وقد ظهرت هذه المشكلة في بلدي وإننا نعمل حالياً على وضع حد لها. وإن تشريع "بروتِكت" (الحماية)، الذي وقعته وأصبح ساري المفعول هذا العام، يعتبر دخول أي شخص إلى الولايات المتحدة أو سفر أي مواطن (أميركي) إلى الخارج بهدف السياحة الجنسية التي تشمل الأطفال، جريمة. وتقوم وزارة العدل حالياً بالتحقيق بنشاط في أمر منظمي الرحلات الجنسية وزبائنها الذين قد يواجهون الحكم عليهم بالسجن مدداً قد تصل إلى ثلاثين عاما. وتعمد الولايات المتحدة، بناء على قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، إلى فرض عقوبات على الحكومات لإعاقة الاتجار بالبشر.

          كما أن ضحايا هذه الصناعة بحاجة إلى المساعدة من الدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة. ويبدأ ذلك بوضع معايير واضحة وعقوبة مؤكدة بموجب قوانين كل بلد. وتعتبر بعض الدول الآن الإساءة جنسياً إلى الأطفال في الخارج جريمة. وينبغي أن يعتبر مثل هذا التصرف جريمة في كل الدول. وينبغي أن تُعلم الحكومات المسافرين بالضرر الناجم عن هذه الصناعة، وبالعقوبات الشديدة التي ستفرض على زبائنها. وقد قررت الحكومة الأميركية تخصيص مبلغ خمسين مليون دولار لمساندة العمل الجيد الذي تقوم به المنظمات التي تنقذ النساء والأطفال من الاستغلال وتؤمن لهم الملجأ والعناية الطبية وتمنحهم الأمل بحياة جديدة. وإنني أحث الحكومات الأخرى على القيام بدورها.

          ينبغي علينا أن نظهر طاقة جديدة في محاربة شر قديم. فبعد قرنين تقريباً من إلغاء الاتجار بالعبيد عبر الأطلسي...وبعد أكثر من قرن على وضع حد للاسترقاق رسمياً في آخر معاقله...ينبغي عدم السماح للمتاجرة بالبشر لأي غرض بالازدهار في عصرنا.

          إن جميع التحديات التي تحدثت عنها هذا الصباح تتطلب اهتماماً عاجلاً ووضوحاً أخلاقيا. وإن مساعدة أفغانستان والعراق على النجاح كدولتين حرتين في منطقة تغيرت جذرياً، وقطع سبل انتشار أسلحة الدمار الشامل، وإلغاء أشكال الاسترقاق الحديثة، إن هذه هي أنواع المهمات العظيمة التي أُسست الأمم المتحدة للقيام بها. وهناك حاجة، في كل حالة من الحالات، إلى المناقشة الدقيقة، وإلى العمل الحاسم أيضا. فنوايانا الطيبة لن تحظى بالثقة والتصديق إلا إن نحن حققنا نتائج جيدة. وإن الولايات المتحدة الأميركية، بوصفها من الموقعين الأصليين على ميثاق الأمم المتحدة، ملتزمة بالأمم المتحدة. وإننا نظهر ذلك الالتزام من خلال العمل لتحقيق أهداف الأمم المتحدة المعلن عنها، ولإعطاء مغزى لمثلها العليا.

          وإن مواثيق تأسيس الأمم المتحدة ووثائق تأسيس أميركا تنتمي إلى تقليد واحد. فهي تؤكد  على أنه لا يجوز إطلاقاً تحويل الكائنات البشرية إلى أشياء تملكها السلطة أو تتم المتاجرة بها، لأن كرامة الكائنات البشرية متأصلة فيها. وتعترف مواثيق الطرفين بقانون أخلاقي يرتفع فوق البشر والدول، قانون يتعين على البشر والدول الدفاع عنه وتطبيقه. وتُهدي  مواثيق الجانبين إلى الطريق نحو السلام، السلام الذي يتحقق عندما يصبح الجميع أحرارا. وإننا نضمن هذا السلام بشجاعتنا، وينبغي أن نظهر تلك الشجاعة معا.

          وشكرا.                

          (نهاية النص)

(تصدر نشرة واشنطن عن مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأميركية، وعنوانه على شبكة الويب: http://usinfo.state.gov)

* اشترك بنشرة واشنطن العربية لتصلك يومياً على عنوان بريدك الإلكتروني، عند حوالى الساعة الخامسة بتوقيت غرينيتش. للاشتراك، إضغط على العنوان التالي، http://usinfo.state.gov/arabic/wfsub.htm  واتبع الارشادات.

****