بوش يقول مسيرة الحرية بدأت في العراق وستنهض في
قلب الشرق الأوسط
واشنطن، 11 حزيران/يونيو -- وصف الرئيس جورج بوش
قمة الدول الصناعية الثماني التي اختتمت أعمالها في سي آيلاند بولاية جورجيا أمس
الخميس 10 حزيران/يونيو بأنها كانت ناجحة وقال إن "مجموعة الثماني كانت متحدة مع
رغبتنا في تحقيق الاستقرار والديمقراطية في العراق، كما اتفقنا على تأييد الإصلاحات
في الشرق الأوسط الكبير."
وأضاف بوش في مؤتمر صحفي بعد ختام قمة الدول الصناعية وقبل مغادرته سي آيلاند عائدا
إلى واشنطن لتوديع الرئيس الراحل رونالد ريغان الذي كان مسجى في نعشه في قاعة قبة
مبنى الكونغرس الرئيسية، أن دول المجموعة اتفقت أيضا على ضرورة "بناء عالم أكثر
أمنا وسلاما ورخاء."
ووصف بوش توقيت عقد قمة الثمانيّة بأنه تم في وقت حرج "تواجه فيه بلداننا أخطارا
جسيمة تهدد أمننا، وفي وقت تتاح لنا فيه أيضا فرصة تقويض إغراء الإرهاب عن طريق دعم
مسيرة الحرية وازدهارها وتقدمها في العالم، وخاصة في الشرق الأوسط" مشيرا إلى أن
هذه المسيرة قد بدأت فعلا "بالعراق الحر الذي على وشك النهوض في تلك المنطقة
الحيوية."
وأشار بوش في حديثه إلى الصحفيين إلى ما وصفه "بالإجماع الآخذ في الظهور في الشرق
الأوسط على ضرورة التغيير." وقال إنه بدا في اجتماعات الإسكندرية وإستانبول وسيناء
والبحر الميت والعقبة حيث التقى السياسيون ورجال الأعمال وشخصيات المجتمع لبحث
وسائل التحديث والإصلاح وأصدروا "بيانات مثيرة تدعو إلى التغيير السياسي والاقتصادي
والاجتماعي."
وقال بوش إنه لمس من الدول التي شاركت في اجتماعات مجموعة الثماني أنها "تدرك
مسؤوليتنا الخاصة في مساعدة شعوب الشرق الأوسط على تحقيق التقدم الذي تسعى إليه"
معربا عن تقديره كذلك للتأييد الدولي للحكومة العراقية المؤقتة وحضور الرئيس
العراقي الجديد غازي الياور للمشاركة في اجتماعات القمة.
وقال إن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الخاص بالعراق "يمهد الطريق الواضح أما
الديمقراطية في العراق" ويطمئن العراقيين إلى أن العالم يقف معهم في سعيهم نحو بناء
مستقبل آمن مسالم مزدهر، كما يتعهد بهزيمة أعداء الحرية في العراق وهزيمة الإرهاب
في جميع أنحاء العالم.
وكشف بوش عن أنه تم الاتفاق على تشكيل منتدى للمستقبل يجمع بين القياديين من مختلف
أنحاء الشرق الأوسط ونظرائهم في مجموعة الدول الثماني الصناعية لبحث "الأفكار التي
تساعد على خلق الوظائف والأعمال وزيادة فرص الوصول إلى رأس المال وتحسين التربية
والتعليم وحماية الحقوق الإنسانية وتحقيق التقدم نهو الديمقراطية."
إلا أن بوش أشار بشكل مباشر إلى عدم فرض التغيير والإصلاح على أحد وقال إن ذلك "ينبغي
أن يتم وفق احتياجات وواقع كل بلد على حدة بناء على رغبات شعبه."
ورد بوش على سؤال صحفي حول امتناع دول حليفة لأميركا كالسعودية ومصر والكويت عن
حضور القمة الثمانية والمشاركة في مناقشة مبادرة الشرق الأوسط الكبير للإصلاح التي
يعلق عليها أهمية خاصة فقال "إن هذه المبادرة ليست هامة بالنسبة لي. فهي هامة
بالنسبة لشعوب دول المنطقة التي ترغب في فرصة للعيش في مجتمع حر."
وأقر بوش بأن مبادرته أثارت عند طرحها نوعا من القلق من أن "أميركا تحاول أن تجعل
العالم كله مثل أميركا. وهذا لن يحدث. وأنا أدرك أن قيام مجتمعات حرة في الشرق
الأوسط سيعكس ثقافات بلدان المنطقة ويعبر عن تقاليدها وليس أميركا."
وأضاف بوش أنه يدرك أن هناك قلقا معينا في بعض الدول تجاه إمكانية تكيّف شعوبها مع
مؤسسات الحرية، لكن عليها أن لا تخشى ذلك بل عليها أن ترحب بالإصلاح." وقال إنه سبق
وبحث موضوع الإصلاحات مع ولي العهد السعودي الأمير عبد الله "وهو يدرك الحاجة إلى
الإصلاح" لكنه قال إنها لن تكون إصلاحات من النوع الذي يرضي كل أميركي ويتفق مع
توقعاته.
وأشار إلى أن من بين الأمور التي اتفقت عليها القمة الصناعية التعاون وتكثيف الجهود
الخاصة بمنع أسلحة الدمار الشامل ووقف الاتجار بالأسلحة والمواد الخطرة والفتاكة
وتدريب قوة حفظ سلام دولية من 75 ألف شخص خلال فترة خمس سنوات وإنشاء مؤسسة خاصة
للوقاية من مرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز) عالميا والتغلب على المجاعة في
القرن الأفريقي.
وسئل بوش في بداية المؤتمر الصحفي عن تأكيده على ضرورة استمرار المساعدة الأميركية
للعراق وما إذا كان ذلك سيبقي الطابع الأميركي على الوضع الأمني فأجاب بالنفي مضيفا
أن "الوضع الأمني العراقي سيكتسب طابعا عراقيا وسيقوم العراقيون أنفسهم بصيانة أمن
بلدهم، ووجودنا هناك هو للمساعدة فقط." وأشار إلى أن قرار مجلس الأمن اتخذ هذا
الأسبوع فقط "ونحن بانتظار أن تقيّم الحكومة العراقية الوضع وتطلب احتياجاتها من
دول العالم الحر وسنستجيب للمطالب عندما تتولى الحكومة سلطة السيادة الكاملة."
وقال بوش إنه يدرك تماما وإنه أقر علنا بأن الوضع ما زال صعبا في العراق. وأضاف أن
"نقل سلطة السيادة لن يوقف الزرقاوي حليف القاعدة الذي كان في بغداد قبل وصولنا
هناك. فهو ما زال ناشطا ومستعدا لقتل الأبرياء "ومحاولة زعزعة ثقة العراقيين وثقة
مواطني دول العالم الحر. ولذا "فنحن هناك لمساعدة العراقيين في العثور عليه وتقديمه
للعدالة."
وامتدح بوش رئيس الوزراء العراقي الجديد إياد علاوي رغم عدم مقابلته له ووصفه بأنه
"يبدو رجلا قويا وشجاعا يقول إنه يريد مساعدتنا لكن أمن بلدنا هو مسؤوليتنا نحن."
وقال ردا على سؤال عن موقفه من قضية أسلحة التدمير الشامل وعدم العثور عليها بعد
خمسة عشر شهرا من سقوط النظام العراقي السابق إنه لا يعلم مصير تلك الأسلحة وما إذا
كانت دمرت أو هرّبت إلى خارج البلاد، وأضاف قوله "أنا لم أتوصل إلى قرار نهائي ففرق
التفتيش لم تعد بعد. لكن ما أعلمه أنه كانت لصدام حسين القدرة على إنتاج أسلحة،
وأعلم أنه شخص خطر واستخدم الأسلحة في السابق ضد شعبه وجيرانه." وقال إنه سينتظر
عودة رئيس فرق التفتيش عن الأسلحة في العراق لكي يكوّن رأيه النهائي.
وبرر بوش مجددا غزو العراق تحت مظلة التحالف مؤكدا وجود تفويض من الأمم المتحدة
بالقرار الذي أصدره مجلس الأمن بالإجماع وطالب فيه العراق بالكشف عن كل أسلحته
وبرامجه لأسلحة التدمير الشامل أو مواجهة العواقب الوخيمة. وأضاف بوش قوله "نحن في
حرب مع الإرهاب منذ قتل العدو آلافا من مواطنينا في 11 أيلول/سبتمبر 2001." وقال
ردا على السؤال حول دور الأمم المتحدة في العراق إنه يحترم المنظمة الدولية وأضاف
أن "الحرب على الإرهاب حرب مختلفة تتطلب تعاونا دوليا لخوضها وهناك بالفعل تعاون
دولي ممتاز في هذا السبيل."
وعن معارضة الرئيس الفرنسي جاك شيراك لقيام قوات حلف شمال الأطلسي بدور في العراق
قال إن "توقع مزيد من قوات دول حلف الناتو أمر غير واقعي ولم يقترح أحد هذا الأمر.
فما نقترحه هو ربما مساعدة الحلف في التدريب، وهذا أيضا يجب أن يأتي بطلب من
الحكومة العراقية."
وردا على سؤال حول ما إذا كان بصفته القائد الأعلى للقوات الأميركية قد قدم رأيا
استشاريا يؤكد سلطته في تحديد وتخويل أساليب التحقيق والاستجواب الضرورية لمكافحة
الإرهاب أجاب بوش بالنفي وقال "إن التخويل الذي أصدرته هو أن كل ما نفعله يجب أن
يكون منطبقا مع قوانين الولايات المتحدة ومنسجما مع التزاماتنا تجاه المعاهدات
الدولية." وقال إنه لا يذكر ما إذا كان قد رأى أو اطلع على المذكرات التي تردد أنها
تتضمن توجيهات باستخدام وسائل استجواب مخالفة للمواثيق الدولية واتفاقيات جنيف.
وقال بوش إن الولايات المتحدة جادة في تأكدها من أن يفي الزعيم الليبي العقيد معمر
القذافي بتعهداته بنبذ الإرهاب. وفي حين لم يشأ الدخول في تفاصيل ما أعلن عن مؤامرة
ليبية بعلم القذافي لاغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز اكتفى
بوش بالقول "إننا سنعمل على التحقق فعلا من صدق المؤامرة، ولذا نحن نحقق في الموضوع."
ووعد باتخاذ الإجراء المناسب عند اكتشاف الحقيقة.
ونفي بوش أن يكون على اتصال بالقذافي إلا أنه قال إنه سبق وبعث له برسالة مفادها
أنه "إذا وفى بتعهداته بمكافحة الإرهاب والكشف عن كل برامجه لأسلحة التدمير الشامل
والتخلص منها سنبدأ عملية تطبيع علاقاتنا معه، وهذا ما نحن بصدده الآن