واشنطن، 7 حزيران/يونيو، 2004- في العشرين من أيار/مايو
حُكم على أول المجندين السبعة الذين يواجهون تهماً لإساءتهم معاملة سجناء في سجن
أبو غريب بالعراق بالسجن سنة واحدة في سجن عسكري، والتسريح من الجيش، وتخفيض رتبته.
وقد تمت محاكمة الاختصاصي في الجيش، جيريمي سيفيتز، والحكم عليه بموجب إجراءات
قانونية لمعالجة الأفعال الإجرامية التي يرتكبها أفراد القوات المسلحة.
ورغم أن الإجراءات القانونية العسكرية الأميركية مستقلة عن القانون الجنائي المدني
والمحاكم المدنية، إلا أن إلقاء نظرة أكثر تمعناً على المحاكم العسكرية تثبت أنها
مشابهة جداً للمحاكم المدنية.
ويقول القاضي المتقاعد يوجين سلِفان، الذي كان رئيس قضاة محكمة الاستئناف الأميركية
للقوات المسلحة: "إن إجراءات المحاكمة في المؤسسة العسكرية مماثلة تماماً تقريباً
للمحاكمة التي يجدها المرء في محكمة مدنية أميركية. فالإجراءات، من كلمات الافتتاح،
إلى الحق في مناقشة الشهود، والحق في مواجهة المتهِمين، وتوجيهات القاضي، تكاد تكون
متطابقة تماما."
وتحكم المحاكم العسكرية مدوّنة قوانين العدالة العسكرية الموحّدة، التي تحدد
الأفعال الإجرامية التي يمكن للمحكمة النظر فيها. وتشمل الأفعال الإجرامية الجرائم
الخطرة كالقتل والاعتداء الجسماني بقصد الإيذاء، كما تشمل جرائم محصورة بالمؤسسة
العسكرية كعدم إطاعة أمر يصدره ضابط أعلى مرتبة.
ويشير تعبير "محاكمة عسكرية" إلى التحقيق والمحاكمة وعقاب أفراد القوات المسلحة
الذين يخرقون القانون. وهناك ثلاثة أنواع من المحاكمات العسكرية: المحاكمات الجزئية
(المستعجلة)، والمحاكمات الخاصة، والمحاكمات العامة، وهي تُعتمد وفقاً لخطورة
الجريمة المرتكبة. وتقصر المحاكمات الجزئية (المستعجلة) على أفراد القوات المسلحة
الأدنى مرتبة المتهمين بارتكاب جرائم غير خطيرة. وتحدد العقوبة بما لا يزيد على
السجن ثلاثين يوماً وخسارة الدخل أو تخفيض الرتبة.
في حين تنظر المحاكم العسكرية الخاصة في أمر الجُنح، ويمكنها فرض عقوبات تتضمن
السجن لفترة محددة، وخسارة الدخل والتسريح من الجيش. ويتمتع المجندون الذين
يحاكَمون أمام محاكم خاصة بحق محدود لهيئة محلفين صغيرة تتألف من ثلاثة عسكريين
يختارهم كبار القادة.
وقد حوكم الاختصاصي في الجيش سيفيتز أمام محكمة عسكرية خاصة أصدرت الحكم عليه في
فضيحة أبو غريب نظراً لمشاركته المحدودة ولتعاونه مع السلطات. وللمتَهمين في
المحاكمات العسكرية الحق في عقد مساومة دفاعية، أي أن تتم الموافقة على تخفيف الحكم
مقابل تعاون المتهم مع السلطات، تماماً كما في النظام القضائي المدني.
أما المتهمون بأخطر الجرائم فيواجهون محاكمة عسكرية عامة.
ومن المرجح أن يواجه ستة من المجندين السبعة المتهمين بارتكاب جرائم ترتبط بسجن أبو
غريب محاكمات عسكرية عامة يمكنها إنزال أقصى العقوبات بهم. (إلا أن عقوبة الإعدام
محصورة بجرائم القتل وغيرها من الجرائم بما فيها التجسس ومساعدة العدو أثناء الحرب)
ويُضمن للمتهم في المحاكمات العسكرية حق الحصول على محام عسكري يمثله مجانا. كما
يمكن للمتهم أن يوكل محامياً مدنياً يدافع عنه.
وتتضمن إجراءات المحاكم العسكرية العامة هيئة محلفين تضم في عضويتها ما قد يصل إلى
اثني عشر محلفاً من القوات المسلحة تختارهم السلطة التي تعقد المحاكمة ويعملون في
كثير من الأحيان مع المتهم في نفس الوحدة العسكرية.
ويُشترط أن يكون أعضاء المحكمة العسكرية من الضباط ( المشرفين والمديرين) وبالتالي
من الحاصلين على شهادة جامعية. ولكن، إن كان المتهم مجنداً متطوعاً (أي من الجنود
العاديين)، فإنه يحق له أو لها أن يكون ثلث المحلفين في الهيئة ممن هم في رتبة رقيب،
وهم مجندون متطوعون ذوو رتبة عالية، كي تضم هيئة المحلفين مزيداً من أنداد المتهم.
وبعد إجراء تحقيق، يتم تقديم الأدلة على الجريمة إلى قاض عسكري يقرر بعد ذلك ما إذا
كان هناك ما يكفي من الأدلة لإجراء محاكمة. ويمنح هذا "البند 32 لسماع الدعوى"
المشابه لتحقيق هيئة المحلفين الكبرى في القانون المدني، فرصة للمتهم لمناقشة شهود
الادعاء وتقديم الأدلة للحيلولة دون استمرار المحاكمة (بل إسقاطها)، وهي حقوق غير
متوفرة للمتهم في المحاكمات المدنية المشتملة على هيئة محلفين كبرى.
وفي حال الاستمرار في المحاكمة، يتم اختيار قاض من مجموعة من المحامين أو الوكلاء
القانونيين المتمرسين الذين يتمتعون بعدة سنوات من الخبرة، وتُعرف هذه المجموعة
باسم فيالق القضاة المشاورين العامين. ويكون الكثير من هؤلاء المحامين قد خدموا
عادة كمدعين ومحامي دفاع في النظام القضائي العسكري. ويُمنح القاضي حق تقرير مسائل
كالأدلة التي سيسمح لأعضاء هيئة المحلفين بالاطلاع عليها.
وخلافاً للدعاوى الجنائية المدنية، حيث يُشترط أن يكون الحكم على المتهم بأنه مذنب
بالإجماع، تُشترط موافقة ثلثي أعضاء هيئة المحلفين العسكريين فقط على الحكم. وعلاوة
على ذلك، فإن إصدار حكم العقوبة على السجين، الذي يتم في القضايا الجنائية المدنية
بعد أسابيع أو أشهر من إصدار الحكم بالتجريم أو التبرئة، يتم في المحاكم العسكرية
فور صدور الحكم بالتجريم.
وفي حال صدور الحكم بتجريم المتهم والحكم عليه بالسجن مدة سنة أو أكثر أو بالتسريح
من الخدمة، هناك إجراءات استئناف أوتوماتيكية قد تصل إلى محكمة الاستئناف الأميركية
للقوات المسلحة أو حتى إلى المحكمة الأميركية العليا.
ويقول القاضي سلفان إن إجراءات الاستئناف، كما هي حال معظم الممارسات والإجراءات
الأخرى في المحاكمة العسكرية، مطابقة تماماً تقريباً لإجراءات المحاكم المدنية. وهو
يضيف: "إن أغمض المرء عينيه وأُحضر إلى محكمة عسكرية، فإنه لن يستطيع التمييز في
معظم الحالات ومعرفة ما إذا كان في محكمة عسكرية أو محكمة مدنية."