الرئيس بوش: هدف أميركا في العراق هو بلد مستقل،
حر وآمن
(نص بيانه في مستهل مؤتمره الصحفي في البيت الأبيض، 13 نيسان/أبريل)
(بداية النص)
كان هذا أسبوعا صعبا في ذلك البلد. فقد واجهت قوات التحالف عنفا خطيرا في بعض مناطق
العراق. وأفاد قادتنا العسكريون أن هذا العنف يجري التحريض عليه من قبل ثلاث جماعات.
فقد هاجمت بقايا من نظام صدام حسين، مع مقاتلين إسلاميين قوات التحالف في مدينة
الفلوجة. وتسلل إرهابيون من دول أخرى إلى العراق للتحريض وتنظيم هجمات.
وفي جنوب العراق، تواجه قوات التحالف حوادث شغب وهجمات يحرض عليها رجل دين راديكالي
اسمه الصدر. وقد شكل مليشيا غير مشروعة من بعض أنصاره وأيد علنا جماعتي حماس وحزب
الله الإرهابيتين.
وقد تنصل شيعة آخرون على نطاق واسع من أساليب العنف والترهيب التي يتبعها الصدر.
ووجهت اليه السلطات العراقية تهمة قتل زعيم ديني شيعي بارز.
ورغم أن هذا التحريض على العنف يأتي من زمر مختلفة، إلا أن لديها أهدافا مشتركة.
إنهم يريدون إخراجنا من العراق وتدمير الآمال الديمقراطية للشعب العراقي.
وهذا العنف الذي شهدناه هو عنف هدفه انتزاع السلطة من قبل هذه العناصر المتطرفة
القاسية القلب. إنها ليست حربا أهلية. وهي ليست ثورة شعبية. فمعظم العراق مستقر
نسبيا، ومعظم العراقيين يرفضون إلى حد كبير العنف ويعارضون الدكتاتورية.
وفي المنتديات حيث اجتمع عراقيون لمناقشة مستقبلهم السياسي، وفي جميع إجراءات مجلس
الحكم العراقي، أعرب العراقيون عن التزامات واضحة. إنهم يريدون حماية قوية للحقوق
الفردية. وهم يريدون استقلالهم. وهم يريدون حريتهم.
إن التزام أميركا بالحرية في العراق يتناغم مع مثلنا وتتطلبه مصالحنا. فالعراق
سيكون إما بلدا مسالما وديمقراطيا، أو سيكون مرة أخرى مصدرا للعنف وملاذا للإرهاب
وتهديدا لأميركا وللعالم.
وبمساعدة الأميركيين الذين يخدمون في ذلك البلد
على تأمين عراق حر، يحمون إخوانهم المواطنين. وبلدنا ممتن لهم جميعا ولعائلاتهم
التي تواجه المصاعب والتباعد الطويل.
في نهاية هذا الأسبوع ، في مستشفى فورت هود، قدمت ميدالية القلب الإرجواني لبعض
جرحانا، وكان لي شرف شكرهم نيابة عن جميع الأميركيين.
وقد دفع رجال ونساء آخرون ثمنا أكبر حتى من ذلك. وإن بلادنا تكرم ذكرى أولئك الذين
قتلوا، ونحن نصلي لأن تجد عائلاتهم عزاء الله وسط أحزانها.
وكما قلت لأولئك الذين فقدوا أحباءهم، إننا سننهي عمل الذين سقطوا.
إن القوات الأميركية المسلحة تبلي بلاء رائعا، بكل ا لمهارة والشرف اللذين نتوقعهما
منها. ونحن نراجع حاجاتهم باستمرار. وقوة الجنود الآن وفي المستقبل يقررها الوضع
على الأرض. فإذا كانت هناك حاجة لقوات إضافية، فسأرسلها لهم. وإذا كانت هناك حاجة
إلى موارد إضافية، فسنوفرها لهم.
إن شعب بلدنا متحد وراء رجالنا ونسائنا من أفراد القوات العسكرية، وهذه الحكومة
ستفعل كل ما هو ضروري لتأمين نجاح مهمتهم التاريخية.
وأحد الالتزامات المركزية لتلك المهمة هو نقل السيادة إلى الشعب العراقي. وقد حددنا
موعدا نهائيا هو 30 حزيران / يونيو. ومن المهم أن نفي بذلك الموعد النهائي.
إن العراقيين، بصفتهم شعبا فخورا، ومستقلا لا يقبل إحتلالا إلى ما لا نهاية. إن
أميركا أيضا لا تقبل ذلك. فنحن لسنا دولة امبريالية، كما يمكن أن تشهد بذلك دول
كاليابان والمانيا. نحن قوة محررة، كما يمكن أن تشهد بذلك أيضا دول في أوروبا وآسيا.
هدف أميركا في العراق محدود، وهو صارم. إننا ننشد
عراقا مستقلا، حرا وآمنا.
لو أن دول التحالف تراجعت عن تعهد 30 حزيران / يونيو، لشكك كثير من العراقيين في
نوايانا وشعروا أن آمالهم خذلت. وسيجد أولئك الأشخاص في العراق الذين يتاجرون
بالكراهية والنظريات التآمرية جمهورا أكبر وسيشتد ساعدهم.
إننا لن نتراجع عن تعهدنا. ففي 30 حزيران / يونيو، ستوضع السيادة العراقية في أيد عراقية.
والسيادة تتضمن أكثر من تاريخ واحتفال. إنها تتطلب أن يتولى العراقيون المسؤولية عن مصيرهم.
والسلطات العراقية تجابه الآن التحدي الأمني الذي جرى في الأسابيع القليلة الماضية.
في الفلوجة، أوقفت قوات التحالف العمليات الهجومية، لتمكين أعضاء مجلس الحكم العراقي والزعماء المحليين من العمل على استعادة السلطة المركزية في تلك المدينة. ويتصل هؤلاء الزعماء بالمتمردين لتأمين تسليم منظم لتلك المدينة إلى القوات العراقية، كي لا يصبح استئناف العمل العسكري ضروريا.
وهم يصرون على أن يتم تسليم أولئك الأشخاص الذين قتلوا ومثّلوا بأربعة مقاولين أميركيين لكي تجري محاكمتهم ومعاقبتهم.
إضافة إلى ذلك، يسعى أعضاء مجلس الحكم إلى حل الوضع في الجنوب. إن على الصدر أن يجيب عن التهم الموجهة اليه ويحل مليشياته غير المشروعة.
إن تحالفنا يقف إلى جانب قادة عراقيين مسؤولين بينما يسعون لإنشاء سلطة متنامية في بلدهم. والتحول إلى السيادة يتطلب أن نظهر ثقتنا بالعراقيين. ونحن لدينا تلك الثقة. وكثير من القادة العراقيين يظهرون شجاعة شخصية عظيمة، ومثالهم سيبرز نفس الصفة في آخرين.
والتحول إلى السيادة يتطلب أيضا جوا من الأمن، وتحالفنا يعمل على توفير ذلك الأمن.
ونحن سنستمر في بذل أقصى عناية لمنع وقوع أذى لمدنيين أبرياء، لكننا مع ذلك لن نسمح بانتشار الفوضى والعنف. وقد أصدرت التوجيهات إلى قادتنا العسكريين لكي يتخذوا جميع الاستعدادات لاستخدام القوة الحاسمة إذا لزم الأمر للمحافظة على النظام وحماية جنودنا.
إن دولة العراق تتجه نحو الحكم الذاتي، وسيرى العراقيون والأميركيون أدلة في الأشهر القادمة. ففي الثلاثين من حزيران / يونيو، عندما يرفع علم عراق حر، سيتولى مسؤولون عراقيون مسؤولية كاملة عن وزارات الحكومة. وفي ذلك اليوم، سيصبح القانون الإداري الانتقالي، بما في ذلك قانون الحقوق الذي لم يسبق له مثيل في العالم العربي، نافذا بصورة كاملة.
وستقيم الولايات المتحدة وجميع دول التحالف علاقات
دبلوماسية طبيعية مع الحكومة العراقية. وستفتح سفارة عراقية وسيعين سفير أميركي.
ووفقا لجدول زمني أقرّه مجلس الحكم أصلا، ستجرى انتخابات لاختيار جمعية وطنية في
العراق في موعد لا يتجاوز كانون الثاني/يناير المقبل. وستصوغ هذه الجمعية دستورا
دائما جديدا سيطرح على الشعب العراقي في استفتاء وطني يجري في تشرين الأول/أكتوبر
من العام القادم. وبعدها سينتخب العراقيون حكومة دائمة بتاريخ 15 كانون الأول/ديسمبر،
2005، وهو حدث سيسجل استكمال انتقال العراق من النظام الدكتاتوري الى الحرية.
وفي غضون ذلك تضطلع دول أخرى ومؤسسات دولية بمسؤولياتها لبناء عراق حر وآمن. كما اننا نعمل بصورة وثيقة مع مبعوث الأمم المتحدة، الاخضر الإبراهيمي، ومع العراقيين لكي نقرر بالضبط شكل الحكم الذي ستنقل إليه السيادة في 30 حزيران/يونيو.
إن فريق الأمم المتحدة للمساعدة بالانتخابات، الذي ترأسه كارينا بيريللي، فهو موجود في العراق لتطوير خطط خاصة بانتخابات كانون الثاني/يناير المقبل. كما يوفر حلف ناتو دعما للفرقة المتعددة الجنسيات بقيادة بولندا في العراق، في حين تساهم 17 دولة عضو من أصل دول الناتو الـ26 بقوات للمحافظة على الأمن.
وفي هذا الوقت يعكف وزير الخارجية باول ووزير الدفاع رمسفيلد وعدد من وزراء الخارجية والدفاع لدول الناتو على دراسة دور رسمي أشد لناتو مثل تحويل الفرقة التي تقودها بولندا الى عملية للحلف ومنح الناتو مسؤوليات محددة للرقابة على الحدود.
ولدى جارات العراق مسؤوليات بجعل المنطقة أكثر استقرار. ولهذا سأوفد نائب وزير الخارجية آرميتاج الى الشرق الأوسط لكي يبحث مع دولها مصلحتنا المشتركة بقيام عراق حر ومستقل وكيفية مساعدتها لتحقيق هذا الهدف.
وكما أوضحنا على الدوام، ان التزامنا بنجاح العراق وأمنه لن ينتهي يوم 30 حزيران/يونيو. ففي الأول من تموز/يوليو وما بعد ستتواصل مساعداتنا لإعادة الإعمار كما سيستمر التزامنا العسكري. وبعد ان ساعدت العراقيين على تأسيس حكومة جديدة، ستقوم القوات العسكرية للتحالف بحماية حكومتهم من العدوان الخارجي ومن التخريب في الداخل.
ان نجاح حكومة عراقية حرة يعتبر حيويا لأسباب عديدة. ان عراقا حرا يعتبر حيويا لأن 25 مليون عراقي لهم نفس الحق بالعيش بحرية كما لدينا نحن. وسيقوم العراق الحر كأمثولة للإصلاحيين في أنحاء الشرق الأوسط. وسيظهر عراق حر أن أميركا تقف الى جانب المسلمين الذين يودون العيش بسلام كما بينا اصلا في الكويت وكوسوفو والبوسنة وافغانستان. وسيثبت عراق حر لعالم مراقب أن تعهد أميركا، حال قطعه، سيمكن التعويل عليه حتى في أقسى الأوقات.
واهم من ذلك كله ان هزيمة العنف والإرهاب في العراق ستكون أمرا حيويا لهزيمة العنف
والإرهاب في أماكن أخرى، وبالتالي، سيكون أمرا حيويا لسلامة الشعب الأميركي. إن هذا
هو الوقت والعراق هو المكان، الذي يختبر فيه أعداء العالم المتحضّر إرادة العالم
المتحضر. ويجب علينا الا نتردد.
ان العنف الذي نشهده في العراق عنف مألوف. فالارهابيون الذين يأخذون الناس رهائن او
يزرعون عبوات على جوانب الطرق بالقرب من بغداد انما يخدمون نفس عقيدة القتل التي
تفتك بالأبرياء على متن القطارات في مدريد وتقضي على أطفال على متن حافلات في القدس،
وتنسف ناديا ليليا في بالي وتقتل مراسلا شابا لكونه يهوديا. وقد شاهدنا نفس عقيدة
القتل في مصرع 241 من افراد المارينز في بيروت، وفي أول هجوم على مركز التجارة
العالمي، وفي تدمير سفارتين في افريقيا، وفي الهجوم على الفرقاطة "يو اس اس كول"
وفي العمل المجزع العديم الرحمة الذي انزل بآلاف الرجال والنساء والأطفال الأبرياء
يوم 11 ايلول/سبتمبر 2001.
ما من عمل من هذه الأعمال من صنع ديانة بعينها. وكلها اعمال عقيدة سياسية متزمتّة.
وأتباع هذه العقيدة يسعون للاستبداد في الشرق الأوسط وما وراء. وهم يسعون لاضطهاد
النساء وقمعهن. وهم يسعون لموت اليهود والمسيحيين وكل مسلم ينشد السلام بدلا من
إرهاب السلطة الدينية. وهم يسعون لترهيب أميركا واكراهها بالذعر على الاستسلام،
وتأليب دول ضد بعضها البعض. وهم يسعون للحصول على أسلحة دمار شامل، والابتزاز
والقتل على نطاق هائل.
على مدى عدة عقود مضت، رأينا أن أي تنازل او تراجع من جانبنا انما سيجعل هذا العدو أكثر جسارة وسيدعو لمزيد من سفك الدماء. وقد شاهد العدو على مدى الأشهر الـ31 الماضية اننا لن نظل نعيش في حالة من الانكار او نسعى لاسترضائه.
وللمرة الأولى رد العالم المتحضر بصورة موحدة على عقيدة من الرعب – فوجه سلسلة ضربات جبارة وفعالة. وقد فقد الارهابيون الملاذ الذي كانت توفره طالبان ومعسكرات التدريب في أفغانستان. وفقدوا ملاذات أمنة لهم في باكستان. وفقدوا حليفا في بغداد. كما أن ليبيا ادارت ظهرها للإرهاب.
وهم فقدوا العديد من القادة في مطاردة بشرية لا هوادة فيها. ولعل ما هو أكثر رعبا لهؤلاء الرجال وحركتهم هو ان الإرهابيين يشاهدون تقدم الحرية والإصلاح في الشرق الأوسط الأرحب.
ان عدوا يائسا هو كذلك عدو خطر. وعملنا قد يصبح أكثر صعوبة قبل ان ينتهي. ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بجميع الأخطار التي تنتصب امامنا او الأثمان التي ستترتب على ذلك. رغم ذلك، لا يوجد بديل للعمل العازم في هذا الصراع. ان عواقب الفشل في العراق هي عواقب مخيفة. عندئذ، فان كل صديق لأميركا في العراق سيعتبر خائنا ويتعرض للسجن والقتل مع بروز الطغيان. وكل عدو لاميركا في العالم سيحتفل مشهرا وهننا وانحطاطنا وسيستخدم ذلك النصر لتجنيد جيل جديد من القتلة.
ان النجاح سيكون حليفنا في العراق. إننا نقوم بتنفيذ قرار اتخذ ولن نغير رأينا. وسيصبح العراق بلدا حرا ومستقلا وستكون أميركا والشرق الأوسط أكثر أمانا بسببه. ان لدى تحالفنا الارادة والوسائل لكي تكون له الغلبة. ونحن سنخدم قضية الحرية؛ فهي قضية تستحق أن تُخدم دائما وفي كل مكان.
(نهاية النص)