طلبة من العالم الإسلامي ينقلون التجربة
الأميركية إلى أوطانهم
خلال السنة المنصرمة كان طلبة من جميع أنحاء
العالم الإسلامي يعيشون مع عائلات أميركية ويتعلمون في المدارس الأميركية ويتمتعون
بأوقات التسلية الأميركية وينغمسون في الثقافة الأميركية.
وقد عاد هؤلاء الطلاب خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي إلى أوطانهم بعد أن باتوا
أكثر فهما لأميركا.
ويتمنى هؤلاء الطلبة بأن ينقلوا الصورة الحقيقية لأمريكا إلى عائلاتهم وأصدقائهم
وأبناء وطنهم.
وتشرح الطالبة بلقيس الصادق وهي من اليمن ذلك بقولها "يعتقد والدي ووالدتي بأن
الولايات المتحدة بلد محفوف بالمخاطر والمظاهر البعيدة عن التعقل، غير أنني تعلمت
من خلال إقامتي هنا بأنه مكان يتمنى الشخص العيش فيه."
أما سامي قرموط وهو طالب فلسطيني فقال إن الانطباع الأقوى الذي خرج به هو أن
الولايات المتحدة عبارة عن مزيج من الثقافات المتنوعة.
وقد تمكن قرموط من خلال هذا التنوع أن يكوّن فكرة أفضل عن بلاده أثناء إقامته في
الولايات المتحدة.
وقال قرموط "لقد دعت العائلة التي استضافتني بعض الأهل والأصدقاء على العشاء خلال
عطلة عيد الشكر وقدمت ديكا روميا كبيرا. وكان بين الضيوف امرأة إسرائيلية. وكان
الأمر شيقا بالنسبة لي خصوصا وأني فلسطيني أن أتناول العشاء معها."
وأضاف "أن المشاكل الموجودة في بلادنا بين الإسرائيليين والفلسطينيين ناتجة عن عدم
الاختلاط بيننا وبينهم حيث أن المسافة التي تفصل بين الشعبين تقل عن كيلومتر واحد
إلا أنهما محاطان بالأسلاك الشائكة ولا تتوفر لهما الفرص لمقابلة بعضهما البعض.
وكانت أول مرة أقابل فيها شخصا إسرائيليا هنا في الولايات المتحدة، وقد قابلتها
بدون القنابل والدبابات. وقد كونت علاقة صداقة وتحالف مع امرأة إسرائيلية وتمكنت من
الاتصال ببلدي وبقضيته بشكل أفضل مما لو كنت في وطني."
وبالنسبة لبلقيس صادق التي قضت العام الدراسي في سان أنطونيو بولاية تكساس فقالت إن
أكثر ما أدهشها هو حجم المدرسة التي كانت تدرس فيها."
وشرحت بلقيس ذلك بقولها "لقد شكلت مدرستي أكبر مفاجأة لي، حيث أن عدد الطلاب في
المدرسة التي أدرس فيها في وطني لا يتعدى 400 طالب، أما هنا فقد دخلت مدرسة يزيد
عدد طلبتها عن 3 آلاف طالب. إنني لم أكن أتصور أبدا بأنني سوف أحقق النجاح."
كما تحدثت أيضا عن ثقافة المكسيكيين الأميركيين وما بات يعنيه ذلك بالنسبة لها.
وأردفت بلقيس: "لم أكن أعرف أي شيء عن الأميركيين المكسيكيين. فقد كان أمرا شيقا
بالنسبة لي أن نحتفل بالعطل المسيحية مع العائلة التي استضافتني نردد الأغاني
والترانيم الدينية."
وتابعت بلقيس حديثها تقول: "لقد أصبحت أيضا أحب الطعام المكسيكي. حيث أنني خلال
الشهر الأول لم أكن قادرة على أن آكل أي شيء لأن الطعام كان حارا جدا، أما الآن فقد
بت أحبه لدرجة كبيرة. وإنني سأفتقده بدرجة كبيرة، ولكنني سأحاول أن أطبخ شيئا
مماثلا له كي تجربه عائلتي."
كما تمتعت بلقيس بحرية الخروج ليلا مع أصدقائها. وقالت "إن هناك أمورا يمكن للشخص
القيام بها هنا أكثر بكثير مما هو متوفر في بلادنا. فأنا أحب السينما والغولف وحمام
السباحة والبولينغ. وهذه الأشياء غير متوفرة في اليمن."
أما قرموط الذي أقام في ولاية نيوميكسيكو فقد كان متشجعا بالشعور الذي تولد لديه
نحو أميركا الحقيقية.
فقال "في بلادنا ليس لدينا ما نعتمد عليه سوى الإعلام والأفلام عندما يتعلق الأمر
بالولايات المتحدة. فقد كنت أعتقد بأن أميركا كلها غنية حيث يمتلك الجميع سيارات
الليموزين والقصور كما هو الحال في كاليفورنيا، بيد أني رأيت جانبا مختلفا هنا في
نيوميكسيكو نادرا ما يتم عرضه. فولاية نيوميكسيكو تقع في الصحراء وتوجد فيها منازل
مبنية من الطين والآجر يعيش فيها الأميركيون الأصليون. لقد تمكنت من رؤية الصورة
الكاملة لأميركا."
أما محسن حسن وهو من باكستان فقال إنه قد تمكن من رؤية أميركا التي لم يكن يراها في
وسائل الإعلام.
وأردف: "الناس الذين عشت إلى جوارهم كانوا إما من الطبقة المتوسطة أو المتواضعة.
وإذا ما كان من الضروري أن يحصلوا على شيء ما فإنه يتحتم عليهم بذل جهد كبير من أجل
الحصول عليه. بيد أن الناس في بلادنا يعتقدون بأن الأميركيين بإمكانهم الحصول على
كل ما يريدون."
أما كوثر طالب وهي من لبنان فقد جاءت إلى الولايات المتحدة بالرغم من كونها مكفوفة
البصر.
وقالت كوثر "إن أكثر ما سأفتقد إليه هو الناس الأميركيون العاديون. فقد قبلوني
بإعاقتي وساعدوني. وقد تعلمت بأنه بالرغم من الاختلافات الثقافية فإن الأميركيين
ينتمون إلى ذات الروح البشرية التي ينتمي إليها قومي في بلادنا."
وقد قضى الطلبة آخر أسبوع لهم في الولايات المتحدة في العاصمة واشنطن. وتمت دعوتهم
لحضور ندوات تركز على تطوير القيادة والتربية الوطنية ودور الإعلام. وقد التقى
الطلبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الثقافية والتعليمية باتريشيا هاريسون.
وقد حثت هاريسون الطلبة أن يعتبروا أنفسهم "سفراء لبلادهم بالفعل."
كما حيت هاريسون أيضا الطلبة على الشجاعة التي يتحلون بها لتغربهم عن أوطانهم في
سبيل العلم وبناء العلاقات والقضاء على النمطية السلبية. وحثتهم على أن يأخذوا
أدوارهم القيادية الفريدة على محمل الجد عند أن يعودوا إلى أوطانهم.
وقد جاء الطلبة إلى الولايات المتحدة عن طريق برنامج الشراكة من أجل التعليم التابع
للبرنامج الدراسي للتبادل بين الشبيبة الذي يقدم منحا دراسية لطلبة المدارس
الثانوية في البلاد التي يشكل عدد السكان المسلمين فيها نسبة كبيرة. ويرعى البرنامج
مكتب الشؤون التعليمية والثقافية التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
ويرمي برنامج التبادل إلى خلق تفاهم أكبر وتطوير العلاقات مع جمهور أصغر سنا وأكثر
تنوعا ربما يشكل الجيل القادم من الزعماء في العالم الإسلامي.
وتعد هذه المرة الأولى التي يستقبل فيها برنامج ترعاه الحكومة طلابا من بلدان مثل
نيجيريا، تونس، لبنان، الأردن، الضفة الغربية/غزة، مصر، الكويت، ماليزيا، سوريا،
اليمن، تركيا، باكستان وإندونيسيا.
وقد شارك في البرنامج الذي يقام لأول مرة هذه السنة 160 طالبا ولكن عدد الطلاب
المشاركين سيزداد إلى 400 طالب خلال العام المقبل. إذ سيتضمن طلبة من أفغانستان،
الجزائر، بنجلاديش، الهند، المغرب، عمان، الفلبين، المملكة العربية السعودية،
الإمارات العربية المتحدة والجالية العربية في إسرائيل.
والجدير بالذكر أن هؤلاء الطلبة عاشوا مع عائلات استضافتهم وحضروا المدارس الثانوية
في البلدات الصغيرة والمدن الكبيرة في عموم الولايات المتحدة .
من إيرن بلوك، المحررة في نشرة واشنطن