مسؤولان أميركيان كبيران
يناقشان العنف في بغداد والرياض
واشنطن، 14 حزيران/يونيو،2004- قال مسؤولان رفيعا المستوى في الحكومة الأميركية في
الثالث عشر من حزيران/يونيو الحالي إن الهجمات الإرهابية الفتاكة في العراق
والمملكة العربية السعودية "لن تسود"، ولكن هذين المسؤولين أكدا على أن هناك أياماً
خطيرة مقبلة "مع تحركنا نحو السيادة" في العراق.
فبينما أعرب وزير الخارجية كولن باول عن هذه الآراء في ثلاث مقابلات تلفزيونية،
ناقشت مستشارة الأمن القومي، كوندوليزا رايس، الوضع في برنامج تلفزيوني رابع.
وقد جاءت تصريحات المسؤولين في الوقت الذي ازدادت فيه أعمال العنف في بغداد حيث تم
اغتيال مسؤولين حكوميين بإطلاق النار عليهما في الثاني عشر والثالث عشر من الشهر
الجاري، في حين أدى تفجير سيارة قرب منشأة عسكرية أميركية إلى قتل اثني عشر عراقيا،
بينما قُتل أميركي في الرياض واختُطف آخر.
وفي ما يتعلق بأعمال العنف في بغداد، قال باول الذي أُجريت معه المقابلات قبل رايس،
إن القوات الأميركية وقوات التحالف "ستقوم بكل ما يمكننا، مستخدمين قواتنا المسلحة
هناك وفي العراق، لمحاولة إلحاق الهزيمة بهؤلاء القتلة. ولنكن واضحين بشأن ما يحدث.
إننا نحاول أن نعيد السيادة، وسوف نعيد السيادة إلى الشعب العراقي في نهاية الشهر."
وأصر الوزير على أن محاولات إفشال الجهود الديمقراطية في العراق ستُخفق في نهاية
الأمر، ولكنه وصف الفترة السابقة لإعادة السيادة والتالية لها بأنها "ستكون فترة
خطيرة."
ومضى إلى القول: "إنهم قتلة. إنهم إرهابيون. إنهم لا يريدون أن تكون للشعب العراقي
حكومة ترتكز إلى أساس من الديمقراطية والحرية وسيادة القانون. لقد أصدرت الأمم
المتحدة قراراً يصادق على كل ذلك، وهؤلاء الناس هم ضد شعبهم."
وفي حين أن أعمال العنف تلت أنباء جيدة، هي موافقة الأمم المتحدة بالإجماع على دعم
الحكومة العراقية الجديدة وترتيباتها مع القوات الأميركية، إلا أن باول قال إنها لم
تكن مفاجئة.
وأردف: "كنا نعرف أن فلول النظام القديم تلك، الإرهابيين الذين يستغلون الوضع"،
سيزيدون من هجماتهم على المسؤولين الحكوميين.
ولكن باول قال مع ذلك إن العراقيين أصبحوا يسيطرون الآن على خمس عشرة وزارة؛ وأضاف:
"إننا نتحرك قدما" نحو الانتخابات في نهاية العام ونحو مجلس تشريعي انتقالي؛
و"سنبقى هناك بقواتنا البالغ عددها 138 ألفاً،" كما سيبقى شركاؤنا الآخرون في
التحالف هناك، "للقيام بكل ما يمكننا لهزيمة هذا العصيان."
وفي ما يتعلق بزيادة عدد قوات منظمة حلف شمال الأطلسي في العراق، كما ألمحت بعض
الأنباء، قال باول إن ست عشرة دولة من الدول الست والعشرين الأعضاء في الحلف تساهم
بقوات في الجهد العراقي. وأضاف أنه قد تكون هناك "إضافات أخرى هامشية... ولكننا لا
نتوقع زيادة ضخمة." واستطرد قائلاً إن قوات ناتو منشغلة حالياً في البلقان وفي دعم
"جهودنا في أفغانستان." وقد اتخذ بعض الدول، كفرنسا وألمانيا، "قراراً بأنه لا يدعم
هذه الحرب وهم لا يعتزمون إرسال قوات هناك، ونحن لم نتوقع قيامهم بذلك إطلاقا."
غير أن وزير الخارجية أردف قائلا: "ولكنهم انضموا إلينا في إصدار قرار الأمم
المتحدة رقم 1546 بالإجماع، وهو القرار الذي يبارك الخطة التي نسير عليها. وقد
أبقوا الباب مفتوحاً أمام سبل أخرى لدعم جهودنا في العراق، من خلال تدريب الشرطة،
ومن خلال أمور أخرى قد نقوم بها مع ناتو. ونحن ندرس حالياً إمكانية انخراط مقر
منظمة حلف شمال الأطلسي في العملية."
وقال باول إن الواقع هو أن "الأمن الحقيقي" سيسود العراق مع تعزيز العراقيين أنفسهم
لقواتهم وانسحاب قوات الاحتلال في نهاية الأمر. وأضاف: "إنهم يريدون (تحقيق) القدرة
على حماية أنفسهم، وسوف نستثمر (جهودنا) في ذلك."
وحين سئل الوزير عما إذا كان من الممكن التعجيل في نقل السلطة قبل الثلاثين من
حزيران/يونيو، قال: "يجب على المرء منح رئيس الوزراء (أياد) علاوي والزعماء الآخرين
فرصة لتهيئة أنفسهم. يجب أن تكون هناك إعادة (سيادة) واعية ومدروسة. وقد كان 30
حزيران/يونيو هو الموعد الذي تم اختياره، ويبدو حتى الآن أنه موعد ملائم."
ورد الوزير على سؤال حول التعذيب المزعوم في سجن أبو غريب بالقول: "لدينا حالياً
عدد من التحقيقات الجارية في البنتاغون (وزارة الدفاع)، وأعتقد أنه ينبغي علينا أن
نفسح المجال لتقدم هذه التحقيقات."
وأشار إلى أن الرئيس بوش قد أوضح "أن التعذيب ليس نشاطاً مقبولاً من جانب القوات
المسلحة الأميركية، وقال إنه يتعين علينا أن نتقيد بالتزاماتنا الدولية."
كما سئل الوزير عن أعمال العنف في المملكة العربية السعودية فقال إن "الوضع (هناك)
صعب." وكانت الولايات المتحدة قد قلصت وجودها الرسمي هناك وحذرت الأميركيين من
السفر إلى السعودية.
وأضاف باول: "إننا نعمل مع السعوديين لتعقب هؤلاء الأشخاص. ويعرف السعوديون الآن أن
لديهم مشكلة خطيرة جداً داخل المملكة، كما أنهم يعرفون أنها ستتطلب كل مواردهم،
وليس فقط مواردهم العسكرية والبوليسية" وإنما أيضاً قطع التمويل عن المنظمات "التي
قد تكون قدمت العون لهذه الأنواع من النشاطات الإرهابية."
ومضى إلى القول إن السعوديين يتعاملون مع العنف بأقصى الجدية، بوصفه تهجماًً على
قيادتهم. وهم "يعرفون أن هذا عدو يتعقبهم،" وأن قتل الأجانب هو "هجوم مباشر على
النظام السعودي. إنه يحاول إيقاع الفوضى في التجارة المعتادة، إيقاع الفوضى في قطاع
النفط، والسعوديون سيتعقبونهم بكل الموارد المتوفرة لديهم، وسوف نساعدهم بقدر ما
نستطيع."
ورداً على سؤال حول تقييم بعض الخبراء السياسيين القائل بأن دخول قوات التحالف
العراق كان من أساسه فكرة سيئة، وتأكيدهم على أنه أدى إلى زعزعة استقرار المنطقة
إلى حد أكبر وزيادة استقطاب الأعضاء إلى القاعدة، قال باول: "ولم يعد هناك صدام
حسين أيضا. لا توجد حكومة دكتاتورية على وشك تولي السلطة. هناك قرار دولي جديد تمت
الموافقة عليه بالإجماع وهو يقر سبيل التقدم، وبالتالي فإنه في حين أن أمامنا
تحديات ... ويكمن التحدي الرئيسي في ... وضع حد لهذا العصيان في العراق... وعندما
نتمكن من ضبط ذلك الوضع الأمني والسيطرة عليه...ستشاهدون انطلاق إعادة التعمير.
ستشاهدون خلق حياة أفضل للشعب العراقي. ستشاهدون الانتخابات. ستشاهدون دستوراً
جديدا، وستشاهدون شيئاً أفضل بكثير من النظام الذي لم يعد له وجود."
أما عندما سئل وزير الخارجية عن أفغانستان، فقال إنه تم إنجاز الكثير، إلا أنه ما
زال هناك الكثير مما ينبغي القيام به. وقد أشاد بالرئيس (حميد) كرزاي بوصفه "رئيساً
يملك رؤيا" للمستقبل وقد قام "بعمل هائل."
ولكن الوزير أعرب عن قلقه إزاء ازدياد إنتاج الأفيون والهيروين، واصفاً ذلك بأنه "مشكلة
رئيسية." وقال إن كرزاي يدرك أنه " لا يمكن السماح لاقتصاد الظل هذا بالاستمرار في
الوجود. إلا أنه مشكلة يصعب التغلب عليها، كما اكتشفنا في حالات إنتاج المخدرات في
مناطق أخرى في العالم."
أما مستشارة الأمن القومي رايس فأضافت من جهتها في المقابلة التي أُجريت معها أنه
لا شك في أن المملكة العربية السعودية "منطقة تحاول القاعدة إثبات وجودها فيها.
وكنا نعلم ذلك منذ فترة." وأضافت: "إنه تهديد خطير ونحن نعمل معاً بشكل جيد جداً عن
طرق قنوات استخباراتية وقنوات تطبيق قانون أيضاً لمحاولة معالجة أمره."
وأضافت رايس أنه لدى استعادة أحداث الماضي يجد المرء أن السعوديين "ككثيرين آخرين
في العالم، لم يدركوا تماماً إلى أي حد كانت هذه المنظمات غير الحكومية، التي كانت
للكثير منها أسماء جمعيات خيرية براقة، في الواقع واجهات لتمويل الإرهاب." وأضافت
أن السعوديين "قطعوا شوطاً كبيراً" في الأشهر الأخيرة لمعالجة هذه المشكلة، مضيفة
أنه من الخطأ الإيحاء، كما فعل البعض، "بأنه لم يكن هناك تعاون جيد مع السعوديين."
وحين سئلت رايس عن التقارير الصحفية القائلة بأن الزعيم الليبي معمر القذافي أوعز
باغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبد الله، أجابت بالقول: "إننا ننظر في هذه
الاتهامات بجدية كبيرة؛ لأننا أبلغنا الليبيين بشكل واضح لا لبس فيه أن السبيل
الوحيد إلى علاقات أفضل مع الولايات المتحدة هو سبيل يقومون فيه بالوفاء
بالتزاماتهم... بوقف تمويل الإرهاب، ومعالجة أمر أسلحة الدمار الشامل."
وأشارت إلى أنه في حين أن الليبيين نبذوا الإرهاب فإن "عليهم المتابعة، وعلينا أن
نتأكد من أنهم يقومون بالوفاء بتلك الالتزامات. ... إننا نعمل مع السعوديين. وقد
بعثنا برسائل إلى الليبيين. وسنتوصل إلى معرفة حقيقة الأمر."
كما ردت مستشارة الأمن القومي عن سؤال حول ما إذا كان سيتم تسليم صدام حسين إلى
العراقيين ومتى سيحدث ذلك بالقول: "إننا نحاول مساعدة العراقيين على إعداد النظام
لهذه المحاكمات الملفتة للانتباه. و"في الوقت المناسب، سيتم تسليم صدام حسين إلى
العراقيين لمحاكمته. ...إننا نريد ضمان كون الإجراءات الأمنية مشددة جداً، جداً،
وأن من الممكن توفيرها."