الولايات المتحدة تحث على تقديم دعم قوي للعراق
مع اقتراب موعد الثلاثين من حزيران
أبلغ السفير الأميركي، جيمس كننغهام مجلس الأمن
الدولي في التاسع عشر من أيار/مايو الحالي، أن التزام التحالف وتصميمه على تحقيق
انتقال عراقي سياسي ناجح إلى حكومة ديمقراطية دستورية ما زال قويا.
وقال كننغهام، أثناء تقديمه تقرير سلطة التحالف المؤقتة الفصلي إلى مجلس الأمن، إن
"استهداف العناصر المجرمة، بما فيها المحاربون الأجانب، للشعب العراقي وأعضاء
المجتمع الدولي دون تمييز، لن يوهن عزيمتنا."
وأضاف أنه مع اقتراب موعد تسليم السيادة للعراقيين في الثلاثين من حزيران/يونيو "آن
الأوان لأن يتكاتف مجلس الأمن الدولي والأسرة الدولية لدعم العراق وشعبه."
وقد سعى السفير أيضاً، أثناء رفعه التقرير، إلى طمأنة مجلس الأمن إلى كون الولايات
المتحدة تشجب بشدة إساءة المعاملة التي تعرض لها سجناء عراقيون في سجن أبو غريب،
وإلىأن تلك المعاملة هي بمثابة "تصرفات مشينة تشكل وصمة عار لشرف وسمعة الولايات
المتحدة." وأضاف أن نظام العدالة الأميركي "يتحرك بسرعة لمعالجة أمر هذه الإساءات.
وقد اتهمت الولايات المتحدة حتى الآن سبعة من أفراد القوات المسلحة بارتكاب جنايات."
وأشار المسؤول الأميركي بهذا الصدد إلى كون الرئيس بوش قد شجب تلك التصرفات بشدة
واعتذر عنها وأوضح أنه ستتم محاسبة كل المسؤولين عنها. كما أشار إلى أن "مؤسستنا
العسكرية قد بدأت مراجعة شاملة للسياسات والإجراءات المتبعة في جميع السجون في
العراق، كما يجرى حالياً عدد من التحقيقات."
وأعلن كننغهام أن الولايات المتحدة ملتزمة بتأمين وصول لجنة الصليب الأحمر الدولية
إلى المحتجزين لدى القوات الأميركية في العراق، مضيفا: "لقد عملنا مع لجنة الصليب
الأحمر منذ بداية الاحتلال. وقد حققت السلطات العسكرية الأميركية في المسائل التي
لفت الصليب الأحمر انتباهنا إليها، وسوف تعمل (السلطات العسكرية) مع اللجنة الدولية
للصليب الأحمر في المستقبل."
كذلك أكد السفير الأميركي على أن "الغالبية الساحقة" من أفراد القوات المسلحة
الأميركية تتقيد بشدة بالقانون الدولي الخاص بالنزاع المسلح.
كما ناقش كننغهام، وهو نائب ممثل الولايات المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة، الوضع
الأمني في العراق، والبحث المستمر عن أسلحة الدمار الشامل، والجهود المبذولة لإعادة
إحياء وتشييد مؤسسات قومية ومحلية لحكم تمثيلي، وبرنامج النفط مقابل الغذاء.
وقد وصف الوضع الأمني خلال الشهر الماضي بأنه كان "صعباً بشكل خاص"، مضيفاً أن
القوة المتعددة الجنسيات تتخذ موقفاً هجومياً ضد "عناصر النظام السابق والإرهابيين
الأجانب في الفلوجة والرمادي." وفي حين أنه قال إن سلطة التحالف المؤقتة تتوقع "أن
تبذل العناصر المستخدمة للعنف جهوداً منظمة لتعطيل عملية الانتقال ولزعزعة استقرار
العراق مع اقترابنا من موعد 30 حزيران/يونيو،" إلا أنه أضاف أنه لا يمكن السماح
لهذه المجموعات بحرمان العراقيين من آمالهم الخاصة بالمستقبل.
وأعلن السفير أنه في حين أن قوات الأمن العراقية قد حققت تقدماً مهماً في إقامة
المؤسسات الأمنية إلا أن "استمرار عمليات القوات المتعددة الجنسيات بعد الثلاثين من
حزيران/يونيو سيكون ضرورياً لضمان أمن وتقدم العراق نحو الانتقال السياسي." وأكد في
هذا المجال على ضرورة قيام شراكة وثيقة بين القوات المتعددة الجنسية من جهة والشعب
العراقي والقوات العراقية من الجهة الأخرى. وكشف عن أنه سيتم وضع ترتيبات تنسيقية
واستشارية بين القوات المتعددة الجنسيات والحكومة الانتقالية العراقية ذات السيادة.
وأضاف أنه يتعين على سلطة التحالف المؤقتة زيادة حجم قوات الأمن الدولية لدعم عودة
موظفي الأمم المتحدة الدوليين إلى العراق. وأشار بهذا الصدد إلى أن سلطة التحالف
تعمل حالياً على تشكيل وحدة ضمن القوات المتعددة الجنسية لتوفير الحماية الأمنية
لموظفي ومنشآت الأمم المتحدة في العراق.
وأوضح أهمية ذلك بالقول إن تمكن الأمم المتحدة من مواصلة دورها الحيوي في مساعدة
العراقيين على الاستعداد للانتخابات "يعتمد على أمنها. ونحن نحث المجتمع الدولي على
المساهمة في هذه المهمة الهامة."
أما في ما يتعلق بتعزيز الجهود العراقية لإقامة مؤسسات الحكم التمثيلي، فأشار
كننغهام إلى موافقة مجلس الحكم في شباط/فبراير على قانون الإدارة الانتقالي ليكون
الأساس القانوني للحكومتين المؤقتة والانتقالية. وتجدر الإشارة إلى أن القانون
الأساسي ينص على إجراء انتخابات لمجلس تشريعي انتقالي في موعد لا يتجاوز 31 كانون
الثاني/يناير، 2005، على أن يتم إجراؤها بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر من العام
الحالي إن كان ذلك ممكنا.
ثم انتقل كننغهام بعد ذلك إلى استعراض جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم
المتحدة، الأخضر الإبراهيمي، وتوصياته بشأن الحكومة الانتقالية، مبرزا كون المبعوث
قد أشار إلى "الصلة بين الأمن والعملية السياسية، وكون الأمن يظل أساسياً لإتمام
العملية،" في حين أنه من شأن العملية السياسية أن تقدم "إسهاماً قوياً" للأمن.
وقال نائب الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إن الحكومة الانتقالية
ستصبح السلطة الحاكمة لعراق يتمتع بالسيادة في الثلاثين من حزيران/يونيو. وأشار إلى
أن الكثير من العراقيين قد أعربوا عن رغبتهم في وضع حدود للسلطات التي ستتمتع بها
هذه الحكومة "مما يعكس رأيهم بأنه من الأفضل ترك بعض القضايا لتقرر بشأنها حكومة
منتخبة." واستطرد قائلا إن أمر تقرير ماهية تلك الحدود سيترك للشعب العراقي.
وقد أوجز كننغهام الوضع الخاص بالعملية السياسية بالقول: "رغم أن التقدم ممتاز، إلا
أننا ما زلنا نواجه جدولاً زمنياً ضيقاً جدا". وخلص إلى القول إن انخراط الأمم
المتحدة في مساعدة العراقيين على الاستعداد للانتخابات "كانت، وستبقى، حيوية
بالنسبة لعملية الانتقال السياسية."
وتطرق المسؤول الأميركي في تقريره أيضاً إلى موضوع برنامج النفط مقابل الغذاء، فقال
إن المجلس العراقي الأعلى للتدقيق في الحسابات قد جمع وثائق تتعلق بالبرنامج
استعداداً للقيام بالتحقيق فيه، وأنه "أبدى استعداده لمساعدة الأمم المتحدة" وغيرها
للتحقيق في الانتهاكات المزعومة للقوانين.
أما الموضوع الأخير الذي تناوله التقرير فكان أسلحة الدمار الشامل العراقية التي
قال كننغهام إن مجموعة مسح العراق ما زالت تواصل عملها في "البحث (عنها) والتخلص
منها،" وأنه ما زال لديها الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه، بما في ذلك التحقق من
صحة التقارير الكثيرة المتكررة المتواصلة حول أماكن أُخفيت فيها أسلحة. وأضاف أن
مجموعة المسح قد أشارت إلى "العديد من الانتهاكات للعقوبات الدولية وإلى نشاطات كان
يتعين على نظام صدام حسين أن يبلغ الأمم المتحدة بأمرها بموجب قرارات مجلس الأمن،
ولكنه لم يفعل."
كما ذكر كننغهام أن مجموعة المسح قد حددت أيضاً برامج أبحاث عراقية تنطوي على "إمكانية
تطبيقها في برامج أسلحة دمار شامل مختلفة." وخلص إلى القول حول هذا الموضوع إن
المجموعة تعمل حالياً على تحديد "نوايا صدام حسين الاستراتيجية في ما يتعلق بأسلحة
الدمار الشامل ونظام التفتيش التابع للأمم المتحدة."
وفي سياق إشارته إلى كون مجلس الأمن الدولي سيبحث خلال الأسابيع القادمة في إصدار
قرار يعكس المعالم المهمة المقبلة في عملية الانتقال السياسي العراقي، ناشد السفير
الأميركي المجلس والأسرة الدولية دعم العراق وشعبه. واختتم كلمته بالقول: "إننا نمر
في مرحلة حاسمة في تاريخ العراق. إن الثلاثين من حزيران/يونيو سيشكل خطوة حيوية نحو
تحقيق هدف عراق مستقل وديمقراطي ومستقر" يعمه السلام ويسود السلام علاقاته مع الدول
المجاورة له.