(ويقول إن العراقيين يعرفون أن الديمقراطية قادمة)
واشنطن، 19 شباط/فبراير- قال رئيس سلطة التحالف المؤقتة في العراق إن "السيادة العراقية مهمة للشعوب في جميع أنحاء العالم"، وإن محاولات إحباطها لن تنجح.
وأبلغ السفير بول بريمر الصحفيين في بغداد اليوم (19 الشهر الجاري) أن مجلس الحكم العراقي، المؤلف من خمسة وعشرين عضواً، يعكف حالياً على صياغة قانون إدارة الدولة المؤقت الذي سيعتمد في المستقبل. وأضاف أن أعضاء المجلس والمسؤولين في سلطة التحالف يتباحثون حالياً بشأن القضايا الكثيرة التي ينبغي معالجتها في القانون الأساسي المؤقت وفقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وأشار بريمر إلى أنه سيتم الإعلان عن معالم القانون الجديد في الأسبوع القادم، بعد أن تتوصل جميع الأطراف إلى اتفاق. ومضى رئيس سلطة التحالف إلى القول إن هذا القانون المؤقت مهم للفترة الانتقالية التي سيبدأ العراق المرور بها هذا الصيف.
وقد أشار بريمر إلى أن هيكلية فدرالية ستكون البنية المناسبة للعراق قائلاً إن هدف التحالف "كان على الدوام عراقاً يتصف بالحرية والديمقراطية، والسلم والازدهار، والسيادة والوحدة." وفي حين رفض السفير مناقشة المسودات المختلفة التي يتم تداولها (لقانون إدارة الدولة)، إلا أنه أوعز بأن النسخة النهائية ستعالج "مسألتي الإسلام والفدرالية."
وقال بريمر إن من واجب سلطة التحالف المؤقتة، بوصفها السلطة المتمتعة حالياً بالسيادة، أن تفعل كل ما في استطاعتها "لضمان تشكيل هيكلية مناسبة ديمقراطية هنا، أثناء وجودنا هنا، كي نتمكن من تسليم ما يريده العراقيون إليهم، وهو دولة ديمقراطية، موحدة، ومستقرة، يعمها السلام."
وحين سئل رئيس سلطة التحالف عن رأيه بشأن إمكانية عقد انتخابات عراقية في موعد مبكر لا متأخر، قال إنه سيترك أمر تقرير ذلك إلى أمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان. ولكنه أضاف أن "هناك عدداً من الطرق التي يمكن اختيار حكومة مؤقتة بواسطتها إن لم يكن من الممكن إجراء انتخابات." وقد أعلن عنان بعد ذلك أنه لا يمكن تنظيم الانتخابات في الموعد المقرر لنقل السيادة من سلطة التحالف المؤقتة إلى الشعب العراقي في نهاية حزيران/يونيو القادم.
وكان من المقرر أن يطلع عنان مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق اليوم على الزيارة التي استغرقت أسبوعاً وقام بها مبعوثه الأخضر الإبراهيمي إلى العراق أخيرا. وقد اكتفى بريمر بالقول، قبل جلسة الإطلاع: "من الملائم أن نتيح المجال أمام الأمم المتحدة لتدرس المسألة (المتعلقة بأفضل طريقة للتوصل إلى حكومة مؤقتة في العراق في حال استُخلص أن الانتخابات المبكرة غير ممكنة) (و) تضع....توصياتها."
كما أشار بريمر إلى أنه حتى بعد نقل السيادة إلى العراقيين، ستواصل سلطة التحالف وسفارة أميركية جديدة العمل مع الحكومة الانتقالية لمعالجة القضايا المتعلقة بإعادة الإعمار والتطورات السياسية.
وتطرق بريمر إلى موضوع عملية استبدال قوات التحالف وإعادة هيكلتها، وهي العملية الجارية حالياً، فقال إن أكثر من مئة ألف من أفراد القوات المسلحة الأميركية سيغادرون العراق، ولكنهم سيُستبدلون بنفس العدد من مجموعة جديدة من القوات المسلحة. وأضاف: "إن الكثير من الشركاء في التحالف قاموا بعمليات استبدال مماثلة، أو أنهم سيقومون بها" بعد الثلاثين من حزيران/يونيو.
وقال المسؤول الأميركي إن القول إن التحالف سيغادر العراق هذا الصيف فكرة خاطئة، مضيفاً أن الاحتلال سينتهي في الثلاثين من حزيران/يونيو، وأن سلطة التحالف المؤقتة ستسلم السيادة إلى الحكومة العراقية الانتقالية، وستعمل قوات التحالف مع قوات الأمن العراقية لتوفير الأمن.
ولكن السفير أشار أيضاً إلى أن العراقيين أنفسهم هم الذين "يجب أن يكونوا الضامن الأخير لأمنهم،" وأنه سيكون من الضروري أن تتحول الشراكة بين العراقيين وقوات التحالف "في نهاية الأمر إلى جهد عراقي قح."
وفي ما يتعلق بالهجمات المستمرة ضد قوات التحالف والمدنيين العراقيين، قال بريمر إن الوثائق التي تم الاستيلاء عليها أخيراً تظهر أن الإرهابيين والمخربين يعرفون أنه لا يمكنهم الانتصار. وأشار إلى أن الإرهابيين والمخربين يقتلون من العراقيين عدداً أكبر مما يقتلونه من قوات التحالف، مضيفاً: "نستطيع الفخر بقدرة قوات الأمن العراقية على التكيف في وجه هذه التهديدات الرهيبة." وقال إن ما سيحدث في النهاية هو أن "العراقيين هم الذين سيقتلون أو يقبضون على آخر إرهابي في العراق."
وحين سئل السفير بريمر عن دور المليشيات الخاصة بعد نقل السيادة، أجاب بالقول إنه لا مكان لأي قوات مسلحة لا تشكل جزءاً من بنية قيادة الحكومة المركزية. وأضاف إنه يتعين أن يكون هناك ما وصفه بـ"إعادة دمج مشرفة" للقوات، كقوات البشمرغة الكردية، التي ظلت تعمل مستقلة لفترة طويلة. وأعلن بريمر أن الزعماء الأكراد يوافقون على مسألة إعادة الدمج.
ورد بريمر على سؤال حول قضية الأراضي والحدود المتنازع عليها بالقول إنه ينبغي ترك هذه القضية كي تحلها حكومة منتخبة.
وحين طلب منه الإعراب عن رأيه بشأن أسماء لنواب محتملين لشغل مناصب في الوزارات العراقية المختلفة، قال بريمر إنه ناقش الأسماء مع الوزارات الحكومية المختلفة وسيصدر إعلان بشأنها بعد انتهاء تلك الاستشارات.
وفي ما يتعلق بموضوع إعادة الخدمات الأساسية إلى العراق، قال بريمر إنه تم تحقيق تقدم كبير، وأن معظم الخدمات قد عادت إلى المستويات التي كانت عليها قبل الحرب أو حتى تجاوزتها، ولكنه أشار إلى أن "ذلك لا يكفي" لأن مستويات فترة ما قبل الحرب لم تكن مرتفعة جدا. وأضاف أنه سيتم إنفاق حوالى تسعة عشر ألف مليون دولار في الأعوام القليلة القادمة على إجراءات تحسينها.
وقد سئل بريمر عن الاقتصاد العراقي الواهن، فأقر بأن استعادته لعافيته "ستستغرق وقتا". ولكنه استطرد قائلاً إن "العراق سينجح اقتصاديا" في نهاية الأمر.
كما وصف بريمر الأنباء القائلة إن الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، قد اختفى من سجنه الأميركي، قائلاً إنها إشاعة كاذبة.
وأوضح بريمر، رداً على أسئلة تناولت إطلاق سراح أسير حرب عراقي أخيرا، بأنه يتم احتجاز واستجواب جميع أسرى الحرب وفقاً لاتفاقيات جنيف، ولكنه أضاف أنه تم إطلاق سراح هذا الرجل بعد اتخاذ قرار بأنه لم يعد يشكل خطراً أمنيا. وأضاف أنه إن كان الشعب العراقي، وكانت الحكومة الجديدة، يعتقدان أنه مجرم، فيمكنهما إلقاء القبض عليه ومحاكمته أمام محكمة خاصة.
وقال بريمر إن هذا ينطبق على أي شخص توجه إليه تهم، سواء كان شخصية معروفة من النظام السابق أم لا. وخلص إلى القول: "إن كان هناك من الأسباب ما يدعو إلى الاعتقاد بأنهم قد ارتكبوا جرائم، تمكن مقاضاتهم. وسوف نساعد في تلك العملية أثناء تحركنا قُدما."
من جاكلين بورث
المحررة في نشرة واشنطن