Archive

بوش يقول إن عراقا حرا سيغير الشرق الأوسط ويضمن أمن أميركا في الأمد البعيد
(ويؤكد في لقاء تلفزيوني أن قرار الحرب استند إلى أفضل المعلومات المتوفرة عن خطر صدام)

واشنطن، 8 شباط/فبراير – أعلن الرئيس جورج بوش أن قيام عراق حر سيساعد على تغيير الشرق الأوسط. وقال إن نشر الديمقراطية وضمان الحريات يشكلان أفضل ضمان لأمن الولايات المتحدة في الأمد الطويل.
وقال بوش في مقابلة تلفزيونية مطولة أذيعت صباح اليوم الأحد 8 شباط/فبراير في برنامج "قابل الصحافة" على شبكة إن بي سي، إن أفضل وسيلة لحماية أمن أميركا "في الأمد مدى البعيد هي نشر الحرية وإقامة مجتمع حر وتشجييع الديمقراطية. وهذا ما نفعله في جزء من العالم يقال إن ذلك لا يمكن أن يحدث فيه. لكن ما نأمله ونراه في الأمد البعيد، وأعتقد أنه سيحدث فعلا، هو أن وجود عراق حر سيساعد على تغيير الشرق الأوسط."
وأوضح بوش قائلا "إن لدينا استراتيجية للتحرك إلى الأمام نحو الحرية في الشرق والأوسط، لأنني أومن إيمانا شديدا بأن الحرية راسخة في قلب كل فرد."
واستهل بوش المقابلة التي دامت ساعة وأجراها معه مقدم البرنامج تيم راسيت بالإجابة عن سؤال حول قراره تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الظروف التي أحاطت بالمعلومات الاستخباراتية التي استند إليها قرار الحرب على العراق، فقال "إن المعلومات جزء حيوي من خوض الحرب ضد الإرهابيين وكسبها."
وأوضح أن اللجنة التي قرر تشكيلها ستقوم "بتحليل الصواب أو الخطأ فيما حدث بالنسبة للمعلومات الاستخبارية الخاصة بالعراق." وأشار إلى أن الهدف من التحقيق هو الاستفادة من الدروس التي "استقيناها والتأكد من أن أجهزة الاستخبارات توفر أفضل نتاج ممكن للرؤساء في المستقبل أيضا." وقال إنه يتطلع قدما إلى نتائج عدة تحقيقات جارية بما فيها التحقيق الذي يقوم به الكونغرس في القضية. وشدد على أن توفر المعلومات الجيدة سيساعد الرئيس على اتخاذ القرارات المناسبة في الحرب على الإرهاب.
وقال ردا على سؤال حول تأخير إصدار تقرير اللجنة إلى ما بعد انتخابات تشرين ثاني/نوفمبر القادم عدة أشهر، إنه لم يُرد استعجال نتائج التحقيق لكي لا يصبح قضية سياسية انتخابية. وأضاف أن ذلك يتيح للشعب الأميركي الوقت الكافي للحكم "على ما إذا كنت قد اتخذت قرارا جيدا بإزالة صدام حسين من الحكم." وأعرب عن أمله في أن تتيح له الحملة الانتخابية فرصة الحوار والتحدث إلى الشعب الأميركي عن أسباب ودواعي اتخاذ قراره.
ووصف بوش نفسه بأنه "رئيس حرب" قائلا إن العالم "عالم خطر وأود أنه لو لم يكن كذلك." وأضاف أنه صحيح أنه يتخذ قرارت سياساته الخارجية آخذا في اعتباره حالة الحرب ويود لو أن ذلك لم يكن صحيحا. وقال "إن من حق الشعب الأميركي أن يعلم أن له رئيسا ينظر إلى الحرب كما هي. فأنا أرى أن هناك أخطارا قائمة ومن المهم أن نتعامل معها."
وشدد بوش على أهمية أجهزة الاستخبارات والمعلومات التي تجمعها وأعرب عن ثقته بوكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إي) بقيادة جورج تينيت الذي قال "إنه يطلعني دائما على ما يجري في العالم." وقال بوش إنه شخصيا والمسؤولين في حكومته سيتعاونون مع لجان التحقيق التي تنظر في المعلومات الاستخباراتية بما فيها لجنة التحقيق في المعلومات السابقة لأحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وأعرب بوش عن رغبته في مشاركة المتفائلين بإمكانية العثور على أسامة بن لادن قبل الانتخابات لكنه قال "أنا لا أعلم أين ومتى يمكن إلقاء القبض عليه وتقديمه للعدالة. وما أعلمه هو أننا نتعقبه." ووصف بن لادن بأنه قاتل لا مبال "ويعبر عن طبيعة العدو الذي نواجهه." وقال إن أمثاله يقتلون النساء والأطفال الأبرياء. ووعد بوش بإلقاء القبض عليه في النهاية مع أن الاهتمام منصب الآن حول العراق. إلا أنه رفض الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان يعلم بمكان وجود بن لادن.
وقال بوش إن هناك آلافا من الجنود والحلفاء ورجال الأمن وغيرهم ممن يقومون بمهمة جيدة في تعقب القاعدة، وقد "قلت أكثر من مرة في خطاباتي إن ثلثي قادة القاعدة المعروفين إما اعتقلوا أو قتلوا، وهذه هي الحقيقة."
وفي رده على سؤال حول قراره بالحرب على العراق استنادا إلى معلومات عن امتلاك العراق كميات كبيرة من أسلحة التدمير الشامل تبين أنها غير دقيقة، قال بوش "كنت أتوقع العثور على الأسلحة." لكنه أشار إلى صعوبة القرارات التي يتخذها الرئيس بالنسبة للحرب والسلام "وقد اتخذت قراري بناء على أفضل المعلومات الاستخبارية التي توفرت لدي وتم جمعها على مدى سنوات ولم ير محللونا وحدهم أنها صحيحة، بل رآها كذلك محللون من الدول الأخرى."
وأضاف بوش أنه اتخذ قراره الخاص بحرب العراق استنادا إلى تلك المعلومات "ضمن إطار الحرب على الإرهاب. وبمعنى آخر، سبق وأن هوجمنا ولذلك كان ينبغي تحليل أي تهديد بالخطر، وكان ينبغي أن يحكم على الضرر الذي يمكن أن يلحق بأميركا من خلال إطار هذه الحرب على الإرهاب."
وذكّر بوش بأنه توجه بالقضية إلى الأمم المتحدة على أمل "تجريد صدام حسين من الأسلحة سلميا." وقال: لقد "دققنا في المعلومات وتذكرنا حقيقة أنه استعمل الأسلحة وأنه كان يملك أسلحة. وكنا نعلم أنه يدفع أموالا للتفجيرات الانتحارية. وكنا نعلم أنه يمول الجماعات الإرهابية. كان رجلا خطرا." وأشار إلى أن هذه هي المعلومات التي استند إليها في قراره وتوقع العثور على كميات كبيرة من مخرون أسلحة التدمير الشامل العراقية.
وتطرق إلى التقرير المبدئي الذي قدمه الرئيس السابق لفريق التفتيش عن الأسلحة ديفيد كاي وقال إنه "اكتشف فعلا القدرة على إنتاج الأسلحة." وأشار إلى أن عدم العثور عليها لا يعني عدم وجودها وقال إن من الممكن أنها "دمرت خلال الحرب، أو أن صدام ورجاله دمروها عندما دخلنا العراق، أو أخفوها أو نقلوها إلى بلد آخر. سنعلم ذلك. فهذا ما يقوم به فريق التفتيش في العراق." وأشار بوش إلى أن كاي أعلن بعد عودته من العراق أنه اكتشف أن العراق "يشكل من عدة أوجه خطرا أكبر مما كنا نعتقد."
وكرر بوش قوله عدة مرات أن صدام امتلك القدرة على إنتاج الأسلحة وأنه كان "رجلا خطرا بما يملك من أسلحة، وبقدرته على صنع الأسلحة. فقد كان رجلا خطرا في مكان خطر من العالم." وأضاف بوش قوله إنه لا يعتقد أنه "كان بوسع أميركا أن تقف جانبا وترجو ما هو أفضل من رجل مجنون. ولذا أعتقد من المهم الأساسي أن نتعامل مع الأخطار عندما نتبينها وقبل أن تصبح وشيكة، وإلا فإن الأوان يكون قد فات عندما تصبح وشيكة."
وذكّر بوش ردا على سؤال حول ما ورد في تصريحات سابقة له ولغيره من كبار المسؤولين كنائبه تشيني ووزيري الخارجية والدفاع القائلة بمعرفة أمكنة وجود أسلحة التدمير الشامل وأن العراق يشكل "خطرا ذا طبيعة استعجالية فريدة" وأن معالجة خطر صدام حسين يجب أن تتم في أسرع وقت ممكن – ذكّر بأنه دأب على القول في "تصريحاتي بأنني وصفته بأنه تهديد بخطر متجمّع."
وقال بوش إنه لا يريد الدخول في مباراة كلامية لكنه أكد قوله إنه "لم يكن لدي أي شك في أن صدام حسين كان خطرا على أميركا، لأنه كانت لديه القدرة على امتلاك الأسلحة وعلى صنعها، وكنا نعتقد بأنه يملك أسلحة، وكذلك المجتمع الدولي كان يعتقد أنه يملك أسلحة. ثم ما ذا لو وقعت تلك الأسلحة في أيدي شبكة إرهابية تعمل في الخفاء؟"
وشدد بوش على أن من المهم أن يتفهم الشعب الأميركي الإطار الذي اتخذ من خلاله قراره بالحرب "وأننا نعيش في عالم ضربنا فيه الإرهابيون بالطائرات وأن هناك معلومات تقول إنهم يريدون إيذاء أميركا." وقال إن احتمال وقوع مثل تلك الأسلحة الفتاكة في يد شبكة إرهابية يشكل كابوسا لأي رئيس.
كذلك شدد بوش على أن مسولية الرئيس الأميركي "هي المحافظة على سلامة هذا البلد. وكان ذلك الرجل (صدام) خطرا وعالجناه." وأشار إلى أنه لم يكن من الممكن الانتظار على أمل أن يغير أسلوبه أو الوثوق به أو احتواءه.
وسئل بوش عن إمكانية شن حرب وقائية دون توفر معلومات بالدليل القاطع على امتلاك أسلحة التدمير الشامل فأجاب بأنه "لا يوجد هناك بالضرورة في أي نظام دكتاتوري ما يسمى بالدليل القاطع والمعلومات المؤكدة. فالدليل الذي كان لدي هو أفضل دليل على أنه امتلك الأسلحة."
ورفض بوش القول بأن الدليل كان خطأ لأن صدام كان يملك القدرة على إنتاج السلاح واستخدامه. وقال إن الكونغرس اطلع على المعلومات ذاتها التي توفرت واتخذ قراره بشن الحرب على العراق على أساس تلك المعلومات.
وذكّر بوش كذلك بأن الولايات المتحدة توجهت إلى الأمم المتحدة وعرضت ما تعلمه عن العراق في ذلك الوقت ودعتها إلى التحرك "فهي الهيئة التي اصدرت القرار تلو القرار وتجاهل هو كل تلك القرارات." وقال بوش إن القرار 1441 نص صراحة على دعوة العراق إلى الكشف عن أسلحته أو تدميرها وإنهاء برامجه الخاصة بالأسلحة، وحذر "من العواقب الوخيمة إن لم يفعل."
وقال بوش إن صدام تحدى الإجماع الدولي مرة أخرى "وفي رأيي أنه عندما يقال بأنه يترتب على ذلك عواقب وخيمة ولم تكن هناك عواقب وخيمة فإن ذلك يؤدي إلى عواقب مضادة وينظر الناس إلينا قائلين إنهم لا يعنون ما يقولون."
وأشار بوش إلى أنه كان لهذه السياسة آثار إيجابية في أماكن مختلفة من العالم. وضرب مثلا على ذلك بليبيا حيث "كشف معمر القذافي طواعية عن برامجه للأسلحة ووافق على تفكيكها. وقد أصبح العالم في وضع أفضل نتيجة لذلك. ثم إن العالم أصبح آمنا ومكانا أفضل نتيجة لزوال صدام حسين من السلطة."
وأشاد بوش في موضع آخر من المقابلة مع إن بي سي بالتضحيات التي يقدمها أفراد القوات المسلحة في العراق وقال إن التضحية بحياة أكثر من خمسمئة جندي أميركي في العراق كانت ثمنا يستحق أن يبذل في سبيل إزاحة صدام حسين عن الحكم بغض النظر عن الأسباب الأخرى. ورفض بوش وصف الحرب على العراق بأنها كانت "مسألة اختيار" بل كانت ضرورة."
وشدد بوش مرة أخرى على الخطر الذي كان يشكله صدام حسين على الولايات والمتحدة والشرق الأوسط وتمويله الإرهاب بما فيه التفجيرات الانتحارية ضد إسرائيل وقال إن التقاعس عن أي عمل تجاه العراق كان من شأنه أن "يزيد من صلابة صدام حسين وكان بإمكانه أن يطور سلاحا نوويا خلال فترة من الزمن، لا أقول فورا، بل مع الوقت، مما يضعنا عندئد في موقف حرج، موقف الابتزاز."
وميّز بوش بين أسلوبه في مهاجمة العراق وتعامله مع أزمة كوريا الشمالية النووية وقال "إن السبب في قرار اللجوء إلى القوة مع العراق وليس مع كوريا الشمالية هو أننا استهلكنا العملية الدبلوماسية مع العراق. والواقع أن فشل الدبلوماسية كان يمكن أن يزيد من صلابة صدام حسين في هذه الحرب التي نواجهها. أما بالنسبة لكوريا فالعملية الدبلوماسية ما زالت في بدايتها." وشدد على أن لكل حالة تحليلها الخاص ومعالجتها الخاصة على حدة.
وأيد بوش تصريحات نائبه دك تشيني القائلة بأن الأميركيين سيلقون الترحيب في العراق وقال "إننا جميعا نلقى الترحيب في العراق." لكنه لم يستغرب حدة المقاومة التي تلاقيها الولايات المتحدة في العراق وأوضح أنه ما زالت هناك في العراق عناصر تدرك "ما الذي يعنيه قيام عراق حر." وقال إن هذه العناصر تحاول يائسة وقف مسيرة الحرية والديمقراطية "لأنهما ستشكلان على المدى الطويل رادعا للإرهاب." واستشهد بوش بأحاديثه مع عدد من القادة العراقيين الذين أعربوا عن اغتباطهم الشديد وترحيبهم بما تقوم به الولايات المتحدة في العراق.
كذلك أعرب بوش عن اعتقاده بأن العراق لن يتجه نحو إقامة حكم متطرف وقال إنه مطلع على ما يتم اتخاذه من خطوات نحو إيجاد حكم دستوري ومجتمع ينعم بالتعددية والحرية الدينية.
وقال إن الأمم المتحدة يمكن أن تقوم بدور حيوي في العراق من حيث مساعدتها "للشعب العراقي في سلوك السبيل المناسب نحو الديمقراطية." كذلك قال إن المنظمة الدولية يمكن أن تقوم بدور حيوي في عملية انتقال سلطة السيادة للعراق والعملية السياسية.
وشدد بوش مرة أخرى على أن "عراقا حرا من شأنه أن يغير العالم. فهذه مرحلة تاريخية. العراق الحر سيجعل من السهل على الأطفال في بلدنا أن يكبروا في عالم أكثر أمنا. ففي الشرق الأوسط توجد الأحقاد والعنف التي تمكّن العدو من تجنيد القتلة."
وأشار بوش إلى أن سياسته الخارجية "تؤمن بأن على أميركا مسؤولية في هذا العالم، فهي مسؤولية القيادة في الحرب على الإرهاب، مسؤولية التحدث بصراحة علن الأخطار التي تواجهنا، ومسؤولية الترويج للحرية." وقال إن من مسؤولياتها أيضا أن تكافح مرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز) وإطعام الجياع.
وتشعبت المقابلة مع الرئيس بوش إلى مواضيع أخرى شملت الحملات الانتخابية وخدمته العسكرية التي أصبحت موضع جدل وأكد أنه خدم بشرف في الحرس الوطني وقال إن سجلات الخدمة مفتوحة لاطلاع الجميع.
ورفض بوش الايحاءات القائلة بأنه يسبب انقساما في البلاد وقال إنه على العكس يعمل جاهدا في سبيل وحدة البلاد. وأعرب بوش في النهاية عن ثقته بالفوز مرة أخرى بالرئاسة في الانتخابات وقال "لا خطة لدي بالهزيمة."

* اشترك بنشرة واشنطن العربية لتصلك يومياً على عنوان بريدك الإلكتروني، عند حوالى الساعة الخامسة بتوقيت غرينيتش. للاشتراك، إضغط على العنوان التالي، http://usinfo.state.gov/arabic/wfsub.htm واتبع الارشادات.
****